للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فقال: مات؟ فقالوا: أنت فهت به … فأصبح الحنث عنه وهو مجذوب!

لولا البلهبد والأوتار تندبه … لم يستطع نعي شبديز المزاريب

أخنى الزّمان عليهم فاجر هدبهم … فما ترى منهم إلّا الملاعيب

وبها جبل دماوند، وهو بقرب الري يناطح النجوم ارتفاعا ويحكيها امتناعا، لا يعلوه الغيم في ارتفاعه ولا الطير في تحليقه؛ قال مسعر بن مهلهل: انّه جبل مشرف عال شاهق لا يفارق أعلاه الثلج صيفا ولا شتاء، ولا يقدر الإنسان أن يعلو ذروته، يراه الناظر من عقبة همذان، والناظر من الري يظن أنّه مشرف عليه وبينهما فرسخان، فصعدت الجبل حتى وصلت إلى نصفه بمشقّة شديدة، ومخاطرة بالنفس، فرأيت عينا كبريتيّة، وحولها كبريت مستحجر، فإذا طلعت عليه الشمس التهبت نارا، والدخان يصعد من العين الكبريتيّة. وحكى أهل تلك النواحي أنّهم إذا رأوا النمل يذخر الحبّ الكثير تكون السنة سنة جدب، وإذا دامت عليهم الأمطار حتى تأذّوا منها صبّوا لبن الماعز على النار فانقطعت.

قال: جرّبت هذا مرارا فوجدته صحيحا. وقالوا: إذا رأينا قلّة هذا الجبل في وقت من الأوقات متحسّرا عن الثلج، وقعت فتنة وأريقت دماء من الجانب الذي نراه متحسّرا. وبقرب الجبل معدن الكحل الرازي والمرتك والاسربّ والزاج. هذا كلّه قول مسعر.

وحكى محمّد بن إبراهيم الضرّاب قال: ان أبي سمع أن بدماوند معدن الكبريت الأحمر، فاتّخذ مغارف حديد طول السواعد واحتال في إخراجه، فذكر انّه لا يقرب من ناره حديدة إلّا ذابت من ساعتها. وذكر أهل دماوند أن رجلا من أهل خراسان اتّخذ مغارف حديديّة طويلة مطلية بها، عالجها بها وأخرج من الكبريت لبعض الملوك.

وحكى عليّ بن رزين وكان حكيما له تصانيف قال: وجّهت جماعة إلى جبل دماوند وهو جبل عظيم شاهق في الهواء، يرى من مائة فرسخ، وعلى رأسه

<<  <   >  >>