التي تلقى فيه. وهواؤها في فصل الخريف سهام مسمومة، قلّما تخطئ سيما في حقّ الغرباء، فإن الفواكه في هذا الوقت بها كثيرة رخيصة كالتين والخوخ والعنب، فإن العنب لا يقدرون على تحصيله إلى الشتاء. وبها نوع من العنب يسمّونه الملاحي، حبّاته كحبّات البسر وعنقوده كعذق التمر، ربّما يكون مائة رطل. هذا النوع يبقى إلى الشتاء، ويحمل من الري إلى قزوين طول الشتاء، ومع كبر حبّاته قشره رقيق وطعمه طيّب. وبها نوع آخر من العنب شبيه الرازقي إلّا أن ثجيره ضعيف جدّا، إذا قطفوه تركوه في الظلّ حتى يتزبّب ويكون زبيبه طيّبا جدّا، يحمل إلى سائر البلاد.
ويجلب من الري طين يغسل به الرأس في غاية النعومة، يحمل هدية إلى سائر البلاد. وصناع المشط بالري لهم صنعة دقيقة، يعملون أمشاطا في غاية الحسن تحمل هدية إلى البلاد. والآلات والأثاث المتّخذة من الخشب الخلنج خشبها بطبرستان يتّخذون منها هناك، وهي خشبة لا لطف فيها، ويحملونها إلى الري فيتركها أهل الري في الخرط مرّة أخرى، ويلطّفونها ثمّ يزوّقونها بأنواع التزاويق من الري تحمل إلى جميع البلاد.
وأهل الري شافعيّة وحنفيّة. وأصحاب الشافعي أقلّ عددا من أصحاب أبي حنيفة، والعصبيّة واقعة بينهم حتى أدّت إلى الحروب، وكان الظفر لأصحاب الشافعي في جميعها مع قلّة عددهم. والغالب على أهل الري القتل والسفك، ومعهم شيء من الأريحيّة، من ذلك حكي أن رجلا من أرباب الثروة كان جارا لبعض العيّارين، فجاء وقت وضع حمل زوجة صاحب الثروة، ومن عادتهم أنّهم يزيّنون الدار في هذا الوقت ويظهرون الأثاث والقماش، فلمّا أمسوا وكان لهم داران اجتمعوا كلّهم عند صاحبة الطلق وخلت الدار الأخرى، فقال العيار: ما منعكم أن تنزلوا وتجمعوا جميع ما في هذه الدار؟ فنزلوا وأصعدوا جميع ما فيها إذ سمعوا ضجيج النساء يقلن: وضعت غلاما! فقال العيار لأصحابه:
إن هؤلاء فرحوا بهذا المولود، وإذا أحسّوا بالقماش يتبدّل فرحهم بالترح