وحكي انّه كان على المنبر فنقل شيئا من التوراة فقالوا له: كيف عرفت انّه في التوراة؟ فقال: أي سفر شئتم عيّنوا حتى أقرأه عليكم! وجاءته حمامة خلفها بأشق يريد صيدها، فدخلت الحمامة خلف ظهر الشيخ فقال بعض الحاضرين:
جاءت سليمان الزّمان بشجوها … والموت يلمع من جناح الخاطف
من عرف الورقاء أنّ جنابكم … حرم، وأنّك مأمن للخائف؟
فالشيخ خلع عليه قميصه وعمامته. توفي عيد الفطر سنة ستّ وستمائة.
وينسب إليها أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد الخوّاص. كان من أقران الجنيد والنوري. كان إبراهيم متوكّلا يمشي في أسفاره بلا زاد، وحكى منصور ابن عبد اللّه الهروي قال: كنت مع قوم في مسجد رسول اللّه، ﷺ، نتحدّث في كرامات الأنبياء، ومعنا رجل مكفوف يسمع حديثنا، فلمّا فرغنا قال: آنسكم اللّه فإني أنست بحديثكم، فاسمعوا عني أيضا حديثا عجيبا. قال: كنت رأيت قبل عماي رجلا غريبا يخرج من المدينة يمشي مسرعا، فمشيت خلفه حتى أدركته، قلت له: اخلع ثيابك! فقال لي: اذهب حتى لا يصيبك ضرر! فشددت عليه وكلفته خلع ثيابه، فدفعني مرارا بالكلام فأبيت إلّا خلع الثياب. فلمّا علم اني لست أندفع عنه أشار إليّ عينيّ فعميتا، وذهب عني فبتّ تلك الليلة فرأيته في النوم فقلت: يا عبد اللّه وحقّ من أكرمك هذه الكرامة من أنت؟ قال: إبراهيم الخواص!
وحكى الخواص، رحمة اللّه عليه: انتهيت إلى رجل صرعه الشيطان فجعلت أؤذن في أذنه، فناداني الشيطان من خوفه يقول: دعني أقتله، فإنّه يقول: القرآن مخلوق! وحكى بعضهم قال: صحب الخواص مع اثنين فانتهينا إلى مسجد في المفازة فأوينا إليه، وكان الوقت شاتيا والمسجد لا باب له، فلمّا أصبحنا وجدنا إبراهيم واقفا على باب المسجد يستر الباب ببدنه، قال: