وحكى الخواص، ﵀، قال: رافقني في بعض أسفاري راهب فمضينا أسبوعا ما أكلنا. فقال لي الراهب: يا راهب الحنفية، هات إن كان عندك انبساط، فقد بلغنا في الجوع! فقلت: اللهمّ لا تفضحني عند هذا الكافر! فرأيت طبقا فيه خبز وشواء ورطب وماء، فأكلنا ومشينا أسبوعا آخر، فقلت:
يا راهب النصارى، هات إن كان عندك انبساط فالنوبة لك! فدعا فرأيت طبقا فيه أكثر مما كان على طبقي، فتحيّرت وأبيت أن آكل منها، فقال لي الراهب:
كل فإني أبشرك ببشريين: أحدهما أني أشهد أن لا إله إلّا اللّه وأن محمّدا رسول اللّه، والثاني اني قلت يا رب ان كان لهذا الرجل خطر فافتح عليّ فتحا! فأكلنا ومشينا إلى مكّة، فأقام بها مدّة ثمّ توفي بها ودفن في البطحاء.
وحكى إبراهيم قال: في بعض أسفاري انتهيت إلى شجرة قعدت تحتها، فإذا سبع هائل يأتي نحوي، فلمّا دنا مني رأيته يعرج، فإذا يده منتفخة وفيها فنخ، فهمهم وتركها في حجري، وعرفت انّه يقول: عالج هذه! فأخذت خشبة فتحت بها الفنخ ثمّ شددته بخرقة خرقتها من ثوبي، فغاب ثمّ جاءني ومعه شبلان يبصبصان ورغيف تركه عندي ومشى.
وحكى إبراهيم، ﵀، قال: ركبت البحر مرّة، فجاءنا ريح عاصف يمشي بالمركب على غير اختيارنا، فالركاب كانوا يدعون اللّه تعالى وكلّ واحد ينذر نذرا، وأنا قلت: ان نجاني اللّه تعالى من هذه لا آكل لحم الفيل! هكذا جرى على لساني، فالريح رمتنا إلى جزيرة فرأينا في الجزيرة ولد فيل، فالقوم أخذوه وذبحوه وجعلوا يأكلونه، فأشاروا إليّ بأكله فأبيت أن آكل لأجل النذر. فأكل القوم كلّهم من لحم ولد الفيل، فلمّا كان الليل جاء الفيل فما وجد الولد، فرأى القوم فجعل يشمّ واحدا واحدا ويحطمه بخفّه حتى فرغ عن الكلّ، فأنا وقعت على وجهي حتى لا أراه وأيقنت بالهلاك. فلمّا شمّني لفّ خرطومه عليّ وحملني على ظهره وجعل يمشي طول الليل بي، فلمّا أصبحت