وبها نهر الفرات. مخرج الفرات من أرمينية ثمّ من قانيقلا، ويدور بتلك الجبال حتى يدخل أرض الروم، ويخرج إلى ملطية ثمّ إلى سميساط ثمّ إلى قلعة نجم ثمّ إلى الرقّة ثمّ إلى عانة ثمّ إلى هيت، فيصير أنهارا تسقي زروع السواد وما فضل منها انصبّ في دجلة، بعضه فوق واسط وبعضه بين واسط والبصرة، فيصير الفرات ودجلة نهرا عظيما يصبّ في بحر فارس.
وروي أن أربعة أنهار من الجنّة: النيل والفرات وسيحان وجيحان. وروي عن عليّ، ﵁، انّه قال: يا أهل الكوفة، إن نهركم هذا يصبّ إليه ميزابان من الجنّة.
وروي عن جعفر بن محمّد الصادق انّه شرب من الفرات فحمد اللّه وقال:
ما أعظم بركته! لو علم الناس ما فيه من البركة لضربوا على حافتيه القباب! ولولا ما يدخله من الخطّائين ما اغتمس فيه ذو عاهة إلّا برأ.
وحكى السدي أن الفرات مدّ في زمن عليّ بن أبي طالب، كرم اللّه وجهه، فألقى رمانة في غاية العظم فأخذت فكان فيها كرّ حبّ قسمها بين المسلمين، فكانوا يرون أنّها من الجنّة. وهذا حديث مشهور في عدّة كتب للعلماء.
ينسب إليها هشام بن الحكم، وكان معتزليّا يرجح عليّا، فقال رجل: إني ألزمه أن يقول عند الخليفة إن عليّا كان ظالما! فلمّا حضر هشام عند الخليفة قال: أبا محمّد، أنشدك باللّه أما تعلم أن عليّا نازع العبّاس عند أبي بكر؟ قال:
نعم. قال: فمن كان الظالم منهما؟ فكره أن يقول العبّاس خوفا من الخليفة، وكره أن يقول عليّ خوفا من مخالفة اعتقاده، فقال: ما منهما ظالم! فقال الرجل:
كيف يتنازعان ولا يكون أحدهما ظالما؟ فقال: كما اختصم الملكان إلى داود، ﵇، وما منهما ظالم، وغرضهما تنبيه داود على الخطيئة؛ هكذا كان العبّاس وعليّ، كان غرضهما تنبيه أبي بكر على خطيئته.
وينسب إليها يحيى بن معمر، أحضره الحجّاج وقال: أنت الذي تقول الحسين بن عليّ من ذرية رسول اللّه؟ قال: نعم. قال: فواللّه لتأتين بالمخرج