ذاك. وإذا رأى أحدا يقول: معك دنانير وزنها كذا، اخرجها للفقراء! فيخرجها فيكون كما قال.
وحكي انّه طلب يوما من رجل تاجر شيئا، وكان الرجل حنفيّا معتزليّا لا يقول بكرامات الأولياء، فتخاشن في الجواب فحرد وشتم، فقال له: المال الذي مع ابنك في السفر وقع عليه اللصوص الآن وأخذوه! فازداد الرجل غيظا وشتما. قال: وابنك قد قتل على يد الحرامية! فأرخوا ذلك فجاء الخبر بأخذ المال وقتل ابنه.
وحكي انّه كان في رباط اربل، فجاء الشيخ شهاب الدين عمر السهروردي إلى اربل، فاستقبله أهل اربل فجاء إلى الرباط ودخل بين الجماعة، ووقف على المصلّى يصلّي ركعتين والخفّ في رجليه. فلمّا رأى باك باز ذلك قال: أيّها الشيخ، كيف تقف مع الخفّ على مصلّى المشايخ؟ أليس هؤلاء القوم إذا رأوا منك ذلك اعتقدوا أنّه جائز في الطريقة؟ فوثب عليه الصوفية وهم تلامذة الشيخ وأسبغوه ضربا ومدّوه برجله إلى خارج الرباط. فلمّا عرف الشيخ ذلك أنكر على الصوفية وقال: انّه كان على الصواب، مرّوا إليه واعتذروا منه! فمرّوا إليه فإذا هو قاعد في السوق على دكّة، فاعتذروا مستغفرين فقال: ما جرى شيء يحتاج إلى العذر، وإن جرى فأنتم في أوسع الحال. فقالوا: ارجع إلى الرباط إن أنت راض. فقال: إني كنت على عزم السفر وتوقّفي لإصلاح هذا المثقل لمداسي، وإذا فرغ منه لبست وسافرت!
فعاد القوم إلى الرباط فعرف الحال الملك، فأمر شيخ الرباط مع جميع الصوفيّة بالمشي إليه معتذرين، فذهبوا وما أجابهم، فقال الملك: أنا أمشي! فركب وجاء إلى السوق، وهو قاعد على دكّة والمثقل يعمل في نعله، فقال: إني قد جئت شفيعا، فاسلك مع القوم مسلك التصوّف وعد إلى المكان راضيا منافسا! فقال:
لا أرجع حتى تفعل ما أريده. فقال الملك: ما تريد؟ قال: أريد ثلاثمائة دينار! قال: لك ذلك! قال: احضره الآن! فأحضره وقال: أريد جوقتين من المغنين.