للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لا تحدث به ما دمت حياً.

وحكى أبو الحرث قال: رأيت في المنام كأن الناس وقوف بين يدي الله تعالى صفوفاً، وأنا في الصف الأخير ونحن ننظر إلى رب العزة فقال: أي شيء تريدون أصنع بكم؟ فسكت الناس. قال أبو الحرث: فقلت في نفسي: ويحهم! قد أعطاهم كل ذا من نفسه وهم سكوت! فجعلت أمشي حتى جزت الصفوف إلى الأول فقال لي: أي شيء تريد؟ فقلت: يا رحمن إن أردت أن تعذبنا فلم خلقتنا؟ خلقتكم ولا أعذبكم أبداً. ثم غاب في السماء.

[المشان]

بليدة قريبة من البصرة كثيرة التمر والفواكه. وجرى المثل فيها بعلة الورشان تأكل رطب المشان، قيل: ان بعض الملوك مرض فأمره الأطباء بلحم الورشان، فأمر أن لا يمنع من يطلب له الوراشين في البساتين من النخيل، وكان طالب الوراشين يمد يده إلى الاعذاق، فقالوا: بعلة الورشان تأكل رطب المشان، وهي وخمة جداً، ومما يحكي العوام: قيل لملك الموت أين نجدك؟ قال: عند قنطرة حلوان، قيل: فإن لم نجدك؟ قال: لا أبرح عن مشرعة المشان.

وإذا سخط ببغداد على أحد من أهل الفساد ينفى إلى المشان، ليتأدب بالغربة ووخامة الهواء وملوحة الماء وكثرة المرض.

وينسب إليها أبو محمد القاسم بن علي الحريري صاحب المقامات الحريرية التي هي من الأعاجيب. ومن عجيب ما حكي عنه انه كان مشغوفاً بنتف اللحية، وهو مرض من غلبة السوداء، فوكل به شخص يمنعه من ذلك. فلما عرض المقامات على الوزير، وأعجب الوزير صنعته، سأله عن حاجته فقال: ملكني لحيتي!

<<  <   >  >>