وينسب إليها أبو زيد المروزي، أستاذ أبي بكر القفّال المروزي، حجّ سنة فعادله أبو بكر البزّاز النيسابوري من نيسابور إلى مكّة. قال: ما علمت أن الملك كتب عليك خطيئة. قال أبو زيد: فلمّا فرغت من الحجّ وعزمت الرجوع إلى خراسان قلت في نفسي: متى تنقطع هذه المسافة وقد طعنت في السنّ، لا أحتمل مشقّتها! فرأيت النبيّ، ﷺ، قاعدا في صحن المسجد الحرام، وعن يمينه شابّ، قلت: يا رسول اللّه عزمت على الرجوع إلى خراسان والمسافة بعيدة. فالتفت النبيّ، ﵇، إلى الشاب الذي بجنبه وقال: يا روح اللّه تصحبه إلى وطنه؛ قال أبو زيد: فأريت انّه جبريل فانصرفت إلى مرو، ولم أحسّ بشيء من مشقّة السفر.
وينسب إليها أبو بكر عبد اللّه بن أحمد بن عبد اللّه القفّال المروزي. كان وحيد زمانه فقها وعلما. رحل إليه الناس وصنّف كتبا كثيرة، وانتشر علمه في الآفاق. حكي أن القفّال الشاشي صنع قفلا وفراشة ومفتاحا وزنها دانق، فأعجب الناس ذلك وسار ذكره في البلاد، فسمع به القفّال المروزي فصنع قفلا وزنه طسوج، فاستحسنه الناس ولكن ما شاع ذكره، فقال ذات يوم: كلّ شيء يحتاج إلى الحظّ! قفل الشاشي طنّت به البلاد، وقفلي بقدر ربعه ما يذكره أحد! فقال له صديق له: إنّما الشاشي شاع بعلمه لا بقفله. فعند ذلك رغب في العلم، وهو ابن أربعين سنة، فجدّ في طلب العلم حتى وصل إلى ما وصل وعاش تسعين سنة: أربعين سنة قفّالا وخمسين سنة عالما ومتعلّما. ومات سنة سبع عشرة وأربعمائة. وينسب إليها أبو الحرث سريج المروزي. كان شيخا صالحا صدوقا.
جاء له ولد فذهب إلى بقّال بثلاثة دراهم: يريد بدرهم عسلا، وبدرهم سمنا، وبدرهم سويقا. فقال البقّال: ما عندي من ذلك شيء، لكن احصله لك في الغد.
فقال للبقّال: فتّش لعلّك تجد قليلا! قال: فمشيت فوجدت البراني والجرار مملوءة، فأعطيته منها شيئا كثيرا. فقال: أوليس قلت ما عندي شيء منها؟ قلت له: خذ واسكت. فقال: لا آخذ حتى تصدقني. فأخبره بالحال فقال: