للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كثير يخاطب ابن الزبير:

يخبّر من لا قيت أنّك عائد … بل العائد المحبوس في سجن عارم

ومن يلق هذا الشّيخ بالخيف من منى … من النّاس يعلم أنّه غير ظالم

سميّ النبيّ المصطفى وابن عمّه … وفكّاك أغلال وقاضي مغارم

أبى هو لا يشري هدى بضلالة … ولا يتّقي في اللّه لومة لائم

فما نعمة الدّنيا بباق لأهله … ولا شدّة البلوى بضربة لازم

وينسب إليها الحجّاج بن يوسف الثقفي من فحول الرجال، كان أوّل أمره معلّما لوشاقية سليمان بن نعيم، وزير عبد الملك بن مروان، وكان فصيحا شاطرا، قال عبد الملك لوزيره: إني إذا ترحّلت يتخلّف مني أقوام، أريد شخصا يمنع الناس عن التخلّف. فاختار الوزير الحجّاج لذلك، فرأى في بعض الأيّام أن الخليفة قد رحل وتخلّف عنه قوم من أصحاب الوزير، فأمرهم بالرحيل فامتنعوا وشتموه في أمّه وأخته، فأخذ الحجّاج النار وأضرمها في رحل الوزير، فانتهى الخبر إلى عبد الملك فأحضر الحجّاج وقال: لم أحرقت رحل الوزير؟ فقال: لأنّهم خالفوا أمرك! فقال للحجّاج: ما عليك لو فعلت ذلك بغير الحرق؟ فقال الحجّاج: وما عليك لو عوّضته من ذلك ولا يخالف أحد بعد هذا أمرك! فأعجب الخليفة كلامه وما زال يعلو أمره حتى ولي اليمن واليمامة، ثمّ استعمل على العراق سنة خمس وسبعين. وكان أهل العراق كلّ من جاءهم واليا استخفّوا به وضحكوا منه، وإذا صعد المنبر رموه بالحصاة؛ فبعث عبد الملك إليهم الحجّاج، فلمّا صعد المنبر متلثما وكان قصير القامة ضحكوا منه، فعرف الحجّاج ذلك فأقبل عليهم وقال:

أنا ابن جلا وطلّاع الثّنايا … متى أضع العمامة تعرفوني

إن أمير المؤمنين نثل كنانته فوجدني أصلبها عودا فرماكم بي، واني أرى

<<  <   >  >>