شق الحجر وتركوا من ورائه من فناء البيت في الحجر ستة أذرع وشبرًا فبنوا على ذلك فلما وضعوا أيديهم في بنائها قالوا: ارفعوا بابها من الأرض واكبسوها حتى لا تدخلها السيول ولا ترقا إلا بسلم ولا يدخلها إلا من أردتم إن كرهتم أحدًا دفعتموه، ففعلوا ذلك وبنوها بساف من حجارة، وساق من خشب بين الحجارة حتى انتهوا إلى موضع الركن فاختلفوا في وضعه وكثر الكلام فيه وتنافسوا في ذلك فقالت بنو عبد مناف وزهرة: هو في الشق الذي وقع لنا وقالت تيم ومخزوم: هو في الشق الذي وقع لنا وقالت سائر القبائل: لم يكن الركن مما أسهمنا عليه فقال أبو أمية بن المغيرة: يا قوم إنما أردنا البر، ولم نرد الشر فلا تحاسدوا , ولا تنافسوا فإنكم إذا اختلفتم تشتت أموركم، وطمع فيكم غيركم ولكن حكموا بينكم أول من يطلع عليكم من هذا الفج، قالوا: رضينا وسلمنا، فطلع رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم فقالوا: هذا الأمين قد رضينا به، فحكموه، فبسط رداءه ثم وضع فيه الركن فدعا من كل ربع رجلًا فأخذوا بأطراف الثوب فكان من بني عبد مناف عتبة بن ربيعة وكان في الربع الثاني أبو زمعة بن الأسود، وكان أسن القوم وفي الربع الثالث العاصي بن وائل، وفي الربع الرابع أبو حذيفة بن المغيرة فرفع القوم الركن وقام النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم على الجدر ثم وضعه بيده فذهب رجل من أهل نجد ليناول النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم حجرًا ليشد به الركن فقال العباس بن عبد المطلب: لا. وناول العباس النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم حجرًا فشد به الركن فغضب النجدي حيث نحي فقال النجدي: واعجباه لقوم أهل شرف وعقول وسن وأموال عمدوا إلى أصغرهم سنًا، وأقلهم مالًا فرأسوه عليهم في مكرمتهم وحوزهم كأنهم خدم له أما والله ليفوتنهم سبقًا وليقسمن عليهم حظوظًا وجدودًا ويقال: إنّه إبليس فبنوا حتى رفعوا أربعة أذرع وشبرًا ثم كبسوها ووضعوا بابها مرتفعًا على هذا الذرع ورفعوها بمدماك خشب ومدماك حجارة حتى بلغوا السقف. فقال لهم باقوم الرومي: أتحبون أن تجعلوا سقفها مكبسا أو مسطحًا؟ فقالوا: بل ابن بيت ربنا مسطحا. قال: فبنوه مسطحا وجعلوا فيه ست دعايم في صفين في كل صف ثلاث دعايم من الشق الشامي الذي يلي الحجر إلى الشق اليماني وجعلوا ارتفاعها من خارجها من الأرض إلى أعلاها ثمانية عشر ذراعا وكانت قبل ذلك تسعة أذرع فزادت قريش في ارتفاعها في السماء تسعة أذرع أخر وبنوها من أعلاها إلى أسفلها بمدماك من حجارة ومدماك من خشب وكان الخشب