فوقذتني، وتذكرت قول النصراني، فرجفت حتى قالت لي هند: ما لك؟ فانتبهت فقلت: إن هذا لهو الباطل، لهو أعقل من أن يقول هذا. قالت: بلى والله إنه ليقول ذلك ويدعو إليه، وإن له لصحابة على دينه. قلت: هذا هو الباطل.
قال: وخرجت، فبينا أنا أطوف بالبيت إذ بي قد لقيته، فقلت له: إن بضاعتك قد بلغت كذا وكذا وكان فيها خير، فأرسل من يأخذها ولست آخذ منك فيها ما آخذ من قومي. فأبى عليَّ وقال: إذن لا آخذها. قلت: فأرسل فخذها وأنا آخذ منك مثل ما آخذ من قومي. فأرسل إلى بضاعته فأخذها وأخذت منه ما كنت آخذ من غيره.
قال أبو سفيان: فلم أنشب أن خرجت إلى اليمن. ثم قدمت الطائف فنزلت على أمية بن أبي الصلت، فقال لي: يا أبا سفيان. (قلت): ما تشاء (قال): هل تذكر قول النصراني؟ فقلت أذكره وقد كان. فقال: ومن؟ (١)
قلت: محمد بن عبد الله. قال: ابن عبد المطلب؟ قلت: ابن عبد المطلب. ثم قصصت عليه خبر هند.
قال: فالله يعلم. وأخذ يتصبب عرقًا.
ثم قال: والله يا أبا سفيان لعله، إن صفته لهي، ولئن ظهر وأنا حي لأطلبن من الله -عَزَّ وجَلَّ- في نصره عذرا.
قال: ومضيت إلى اليمن فلم أنشب أن جاءني هنالك استهلاله، وأقبلت حتى نزلت على أمية بن أبي الصلت بالطائف فقلت: يا أبا عثمان قد كان من أمر الرجل ما قد بلغك وسمعته.
(١) قلت في الكلام تقديم وتأخير فأبو سفيان عندما نزل مكة قادمًا من الشام قصت عليه زوجه هند بنت عتبة ما كان من أمر رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم بالدعوة إلى الإِسلام سرًا، فخرج أبو سفيان إلى اليمن ومر بالطائف فأخبر أمية بن أبي الصلت بحديث هند ثم مضى إلى اليمن وفي اليمن جاءه كتاب من ولده حنظله بأن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم قام بالأبطح يعلن الإِسلام فلما رجع من اليمن عرج على الطائف ونزل على أمية بن أبي الصلت فأخبره بكتاب حنظله.