للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وما جاء به نبينا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم كائن في ذلك ما هو كائن، فلما دخلوا عليه قال [لهم]: ما تقول في عيسى ابن مريم؟ فقال له جعفر بن أبي طالب: نقول فيه الذي جاء به نبينا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: "هو عبد الله ورسوله وروحه وكلمته ألقاها إلى مريم العذراء البتول" قال: فضرب النجاشي يده إلى الأرض، فأخذ منها عودًا، ثم قال: ما عدا عيسى ابن مريم ما قلت هذا العود، فتناخرت بطارقة حوله حين قال ما قال، [فقال]: وإن نخرتم والله، اذهبوا، فأنتم سُيُوم بأرضي -السُيُوم: الآمنون- من سبَّكم غُرِّم، ثم من سبَّكم غُرِّم، ثم من سبَّكم غُرِّم، ما أحب أن لي دبرًا ذهبًا، وأني آذيت رجلًا منكم. -الدبر بلسان الحبشة: الجبل- ردوا عليهما هداياهما، فلا حاجة لي فيهما، فوالله ما أخذ الله مني الرشوة حين ردّ علي ملكي، فآخذ الرشوة فيه، وما أطاع الناس في فأطيعهم فيه، فخرجا من عنده مقبوحين مردودًا عليهما ما جاءوا به وأقمنا عنده، في خير دارٍ مع خير جارٍ، فوالله إنا لعلى ذلك، إذا نزل به -يعني: من ينازعه في ملكه- قالت: والله ما علمنا حزنًا قطُّ كان أشد من حزن حزناه عند ذلك، تخوفًا أن يظهر ذلك على النجاشي، فيأتي رجل لا يعرف من حقنا ما كان النجاشي يعرف [منه].

قالت: وسار النجاشي وبينهما عُرضُ النيل، قالت: فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: من رجل يخرج حتى يحضر وقيعة القوم ثم يأتينا؟ قالت: فقال الزبير بن العوام: أنا، قالت: وكان من أحدث القوم سنًا. قالت: فنفخوا له قربةً فجعلوها في صدره، فسبح عليها حتى خرج إلى ناحية النيل التي بها ملتقى القوم، ثم انطلق حتى حضرهم، قالت: ودعونا الله -عَزَّ وجَلَّ- للنجاشي بالظهور على عدوه، والتمكين له في بلاده، واستوثق عليه أمر الحبشة، فكنا عنده في خير منزلٍ حتى قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم وهو بمكة.

روى أحمد ورجاله رجال الصحيح غير ابن إسحاق وقد صرح بالسماع (١).


(١) سيرة ابن إسحاق التدمري ج١ ص (٣٦٠).

<<  <   >  >>