روى بسنده عن ابن عباس قال: سألت عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- لأي شيء سميت الفاروق فذكر قصة إسلامه بنحو ما سبق وفيها قراءته لسورة طه إلى أن قال: فتعظمت في صدري وقلت: من هذا أفرت قريش، ثم شرح الله صدري للإسلام فقلت:{لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى}. قال: فما في الأرض نسمة أحب إليَّ من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قلت: أين رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قالت: عليك عهد الله وميثاقه أن لا تجبهه بشيء يكرهه، قلت: نعم، قالت: فإنه في دار أرقم بن أبي أرقم في دار عند الصفا، فأتيت الدار وحمزة في أصحابه جلوس في الدار، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - في البيت، فضربت الباب، فاستجمع القوم فقال لهم حمزة ما لكم؟ قالوا: عمر بن الخطاب، قال: افتحوا له الباب فإن قبل قبلنا منه، وإن أدبر قتلناه، فسمع ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال:"ما لكم؟ " فقالوا: عمر بن الخطاب، قال: فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخذه بمجامع ثيابه، ثم نتره نتره فما تمالك أن وقع على ركبته على الأرض، قال:"ما أنت بمنته يا عمر"، قال: قلت: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، قال: فكبر أهل الدار تكبيرة سمعها أهل المسجد، قلت: يا رسول الله ألسنا على الحق إن متنا وإن حيينا؟ قال:"بلى، والذي نفسي بيده، إنكم لعلى الحق إن متم وإن حييتم"، قال: فقلت: ففيم الاختفاء؟ والذي بعثك بالحق لتخرجن، فأخرجناه في صفين، حمزة في أحدهما، وأنا في الآخر، له كديد ككديد الطحين، حتى دخلنا المسجد، قال: فنظرت إليَّ قريش وإلى حمزة فأصابتهم كآبة لم يصيبهم مثلها، فسمَّاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الفاروق، وفرق بين الحق والباطل. (١)
قال ابن إسحاق: وكان إسلام عمر -فيما بلغني- أن أخته فاطمة بنت الخطاب وكانت عند سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل، وكانت قد أسلمت، وأسلم بعلها سعيد بن زيد وهما مستخفيان بإسلامهما من عمر، وكان نعيم بن عبد الله النحام -رجل من قومه من بني عدي بن كعب - قد أسلم وكان أيضًا يستخفي بإسلامه فرقًا من قومه،