وكان خباب بن الأرت يختلف إلى فاطمة بنت الخطاب يقرئها القرآن، فخرج عمر يومًا متوشحًا بسيفه يريد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورهطا من أصحابه قد ذكروا له أنهم قد اجتمعوا في بيت عند الصفا، وهم قريب من أربعين من بين رجال ونساء، ومع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عمه حمزة بن عبد المطب، وأبو بكر بن أبي قحافة الصديق، وعلي بن أبي طالب في رجال من المسلمين -رضي الله عنهم-، ممّن كان مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمكة، ولم يخرج فيمن خرج إلى أرض الحبشة، فلقيه نعيم ابن عبد الله، فقال له: أين تريد يا عمر؟ فقال: أريد محمدًا هذا الصابئ، الذي فرق أمر قريش وسفه أحلامها، وعاب دينها، وسب آلهتها فأقتله، فقال له نعيم: والله لقد غرتك نفسك من نفسك يا عمر، أترى بني عبد مناف تاركيك تمشي على الأرض وقد قتلت محمدًا, أفلا ترجع إلى أهل بيتك فتقيم أمرهم!!! قال: وأي أهل بيتي؟ قال: ختنك وابن عمك سعيد بن زيد بن عمرو، وأختك فاطمة بنت الخطاب، فقد والله أسلما وتابعا محمدًا على دينه، فعليك بهما، قال: فرجع عمر عامدًا إلى أخته وختنه، وعندهما خباب بن الأرت معه صحيفة فيها طه يقرئهما إياها، فلما سمعوا حس عمر تغيب خباب في مخدع لهم، أو في بعض البيت، وأخذت فاطمة بنت الخطاب الصحيفة فجعلتها تحت فخذها، وقد سمع عمر حين دنا إلى البيت قراءة خباب عليهما، فلما دخل قال: ما هذه الهينمة التي سمعت؟ قالا له: ما سمعت شيئًا، قال: بلى والله لقد أخبرت أنكما تابعتما محمدًا على دينه، وبطش بختنه سعيد ابن زيد، فقامت إليه أخته فاطمة بنت الخطاب لتكفه عن زوجها، فضربها فشجها، فلما فعل ذلك، قالت له أخته وختنه: نعم قد أسلمنا وآمنا بالله ورسوله، فاصنع ما بدا لك، فلما رأى عمر ما بأخته من الدم ندم على ما صنع، فارعوى، وقال لأخته: أعطيني هذه الصحيفة التي سمعتكم تقرؤون آنفًا أنظر ما هذا الذي جاء به محمد، وكان عمر كاتبًا، فلما قال ذلك طمعت في إسلامه، فقالت له: يا أخي إنك نجس على شركك، وإنه لا يمسها إلا الطاهر، فقام عمر فاغتسل، فأعطته الصحيفة وفيها طه فقرأها، فلما قرأ منها صدرًا قال: ما أحسن هذا الكلام وأكرمه!! فلما سمع ذلك خباب خرج إليه؛ فقال له: يا عمر والله إني لأرجو أن يكون الله قد خصك بدعوة نبيه، فإني سمعته أمس وهو يقول: "اللَّهم أيد الإسلام بأبي