للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نقول: لعلها أرادت بيان الحكم، لا أن ذلك الطلب تريد أن يحققه بحضورها، هل يجدر بعائشة أن تقول: تعال قبل زوجتك ولاعبها عندي؟ هي أرادت أن تبين الحكم، وعائشة بنت طلحة هذه مشهورة شهرة الشمس في رابعة النهار، يعني الكلام عليها في الكتب كثير جداً، من أجمل النساء، مضرب المثل، يعني عندهم، وتتابع عليها الأزواج، كما هو الغالب في مثلها حتى كانت عند مصعب بن الزبير الذي أصدقها ألف ألف، وهو الخامس، وقتل عنها، ثم خطبها الوليد بن عبد الملك فرفضت.

مثل هذه تطلب عائشة أم المؤمنين من ابن أخيها أن يقبلها ويلاعبها بحضرتها؟ لا يظن بها ذلك، بل هي أرادت أن تبين له الحكم الشرعي، فقال: أقبلها وأنا صائم؟ قالت: نعم، الآن عرف الحكم، في هذا دليل على جواز ذلك، وأنه لا فرق بين شيخ ولا شاب؛ لأن عبد الله بن عبد الرحمن كان شاباً وقتئذ.

يقول: وحدثني عن مالك عن زيد بن أسلم أن أبا هريرة وسعد بن أبي وقاص -رضي الله عنهما- كانا يرخصان في القبلة للصائم.

المؤلف -رحمه الله تعالى- يحشد النصوص والأدلة على المسألة من الأخبار المرفوعة والموقوفة والمقطوعة، فهو يحشد الأدلة المتنوعة، وكذلك عائشة كما مر، وعمر وغيرهم؛ لكن قال ابن عبد البر: "لا أعلم أحداً رخص فيها إلا وهو يشترط السلامة مما يتولد منها".

يعني إذا كان يغلب على ظنه أنه لا يحصل منه ما يفسد صومه جاز، وإذا غلب على ظنه أنه يحصل منه ما يفسد صومه لم يجز التقبيل، في هذه المسألة ما جاء عن عمر بن الخطاب عند أبي داود والنسائي وابن خزيمة وابن حبان والحاكم جاء عن عمر -رضي الله تعالى عنه- قال: "هششت فقبلت وأنا صائم، فقلت: يا رسول الله، صنعت اليوم أمراً عظيماً، قبلت وأنا صائم" قال: ((أرأيت لو مضمضت من الماء وأنت صائم؟ )) قلت: "فلا بأس به"، قال: ((فمه؟! )) الحكم واحد.