للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وحدثني عن مالك أنه بلغه: أن سالم بن عبد الله كان إذا أراد أن يحرم دعا بالجلمين فقص شاربه, وأخذ من لحيته, قبل أن يركب، وقبل أن يهل محرماً.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى- لما ذكر الحلاق أردفه بالتقصير, وكل منهما مجزئ مسقط للطلب, وإن كان الحلاق أفضل من التقصير, والتقصير المراد به: أخذ بعض الشعر وترك البعض من عموم الرأس, من مجموعه, لا من جميعه, ولا يجزئ الشيء اليسير؛ لأنه لا يسمى تقصير أو الربع على ما يذهب إليه بعض أهل العلم؛ بعضهم يقول: يكفي ثلاث شعرات, وبعضهم يقول: الربع, وبعضهم يقول: يكفي ما يمسح في الوضوء, والمعتمد أنه مجموع الرأس في التقصير وفي المسح في الوضوء, فرق بين جميع ومجموع, المجموع: التعميم؛ لكن لا يلزم أن تكون كل شعرة بعينها نجزم بأنه وصلها المسح أو التقصير.

يقول: "حدثني يحيى عن مالك عن نافع: أن عبد الله بن عمر كان إذا أفطر من رمضان وهو يريد الحج لم يأخذ من رأسه" لم يأخذ من رأسه؛ من شعر رأسه "ولا من لحيته شيئاً حتى يحج" يوفر ذلك للحج.

"قال مالك: ليس ذلك على الناس" يعني ليس مما يجب على الناس أن يتركوا هذا.

"وحدثني عن مالك عن نافع: أن عبد الله بن عمر كان إذا حلق في حج أو عمرة أخذ من لحيته وشاربه" ابن عمر في النسك يأخذ ما زاد عن القبضة من لحيته, متأولاً قول الله -جل وعلا-: {مُحَلِّقِينَ رُؤُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ} [(٢٧) سورة الفتح] , فالواو هذه للجمع, فإذا حلق رأسه ماذا يبقى للتقصير؟ ما بقي إلا اللحية؛ ما يبقى إلا اللحية, فيقصر من لحيته متأولاً هذه الآية، وهذا اجتهاده ولم يوافق عليه -رضي الله عنه وأرضاه- وإنما: {وَمُقَصِّرِينَ} [(٢٧) سورة الفتح] هذه بمعنى "أو" التي هي للتقسيم, التي هي للتقسيم والتنويع.

يقول: "وحدثني عن مالك ربيعة .... " وليس في هذا مستمسك للمن يأخذ من لحيته, معرضاً عما جاء من النبي -عليه الصلاة والسلام- من الأمر بإعفائها، وتوفيرها، وإكرامها. . . . . . . . .