للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيه زخم، يتجه حينئذٍ التعليل، وعلى كل حال إذا ما ظهر لنا التعليل فعلينا التسليم، لكن هذه أمور محسوسة إذا قال: ((تحضرني من الله حاضرة)) عرفنا أنه إنما كرهه لأنه يناجي من لا نناجي، ويحضره كما جاء في حديث الثوم والبصل وغيرهما من ذوات الروائح الكريهة، وجاء التعليل أيضاً بأنه لم يكن بأرض قومه، يعني لم يكن معهوداً عنده، ولا أخذ عليه، لذلك تجد في بعض البلدان يأكلون أشياء، ويشربون أشياء هي مستقذرة عند بلدان أخرى، والعكس، يعني لو قدم طعام من أطعمة البلدان الأخرى في هذا البلد أو العكس، وجدت النفس تتقزز منه؛ لأنه لم يعتد عليه، وإن كان مباحاً لا إشكال فيه.

"قالت ميمونة: أنسقيك يا رسول الله من لبن عندنا؟ " اللبن معروف، يعني ليس بمستقذر ولا مستنكر، وشربه النبي -عليه الصلاة والسلام- ويشربه "فقال: ((نعم)) " ما قال مثل الضباب ((يحضرني من الله حاضرة)) أو ((لم يكن بأرض قومي)) على كل حال اللبن شربه النبي -عليه الصلاة والسلام-، وهو من أطيب الأغذية.

"فلما شرب قال: ((من أين لكم هذا؟ )) " السؤال عن الضب ((من أين لكم هذا؟ )) وقع قبل إرادة الأكل، إرادة نقول، ما نقول: أكل، وبالنسبة للبن شرب ثم قال: ((من أين لكم هذا؟ )) لماذا قدم السؤال في مسألة الضباب، ولم يقدمه في اللبن؟ نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

هو في اللبن الغالب هو مثل الماء، نعم يتهاداه الناس بسهولة، وبالنسبة للحم قد يكون من أطعمة تختص بالمساكين فتلحق بالصدقة، بخلاف اللبن، اللبن حكمه حكم الماء فيتسامح في أمره، تشرب اللبن لكن الأكل لا بد من السؤال عن مصدره، واللبن مثلما تفضل الأخ كثيراً ما يوجد في بيوته -عليه الصلاة والسلام- بخلاف اللحم، لما وجد اللحم في البرمة على النار قال: ((من أين لكم هذا؟ )) قالوا: هذا لحم تصدق به على بريرة، يعني ما تصدق به على أهل بيته من نسائه، لا، تصدق به على الخادمة، فقال: ((هو عليها صدقة، ولنا هدية)).