للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ - أن يكون كثيراً بحيث غلب على أكثر الصلاة فقلبه خارج الصلاة, فحكم هذا أما من ناحية الاعتداد بها في الثوب فليس له من أجر الصلاة إلا ما عقل, قال ابن عباس رضي الله عنهما: (ليس لق من صلاتك إلا ما عقلت منها) , وفي المسند مرفوعاً (إن العبد ليصلي الصلاة ولم يكتب له إلا نصفها, أو ثلثها, أو ربعها, حتى بلغ عشرها) , وقد علق الله فلاح المصلين بالخشوع في صلاتهم فدل على أن من لم يخشع فليس من أهل الفلاح, ولو اعتد له بها ثواباً لكان من المفلحين.

[س٣٦: وهل تجزئ إذا غلب الوسواس على الصلاة وتبرأ بها الذمة أم لا؟]

ج/ على خلاف, والراجح في ذلك إجزاء الصلاة وعدم وجوب إعادتها, بدليل حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أنه قال {إذا أذن المؤذن أدبر الشيطان وله ضراط حتى لا يسمع التأذين, فإذا قضي التثويب أقبل حتى يخطر بين المرء ونفسه فيذكر ما لم يكن يذكر, ويقول: اذكر كذا, اذكر كذا لما لم يكن يذكر حتى يظل الرجل لا يدري كم صلى, فإذا وجد ذلك أحدكم فليسجد سجدتين وهو جالس} (١) , قالوا أن النبي - أمره في هذه الصلاة التي قد أغفله الشيطان فيها حتى لم يدر كم صلى بأن يسجد سجدتي السهو ولم يأمره بإعادتها.

وقالوا أيضاً: ولأن شرائع الإسلام على الأفعال الظاهرة, وأما حقائق الإيمان الباطنة فتلك عليها شرائع الثواب والعقاب.

وقال شيخ الإسلام رحمه الله (٢): (أما ما يروى عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - من قوله " أني لأجهز جيشي في الصلاة " فذاك لأن عمر كان مأموراً - رضي الله عنه - بالجهاد, وهو أمير المؤمنين فهو أمير الجهاد, فصار بذلك من بعض الوجوه بمنزلة المصلي الذي يصلي صلاة الخوف حال معاينة العدو, إما حال القتال, وإما غير حال القتال, فهو مأمور بالصلاة, ومأمور بالجهاد فعليه أن يؤدي الواجبين ... وعمر - رضي الله عنه - قد ضرب الله


(١) رواه البخاري ومسلم.
(٢) مجموع الفتاوى٢٢/ ٦٠٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>