الأولى: أن يرى الإمام وجوب ما تركه ويتركه عمداً فصلاة الإمام باطلة لأنه ترك ما يعتقد وجوبه. وأما بالنسبة لصلاة المأموم في هذه الحالة فهي باطلة إذا كان يعلم ذلك.
مثال ذلك:
لو ترك الإمام الوضوء من أكل لحم الإبل وهو يرى وجوب الوضوء من أكل لحم الإبل فصلاة الإمام باطلة في هذه الحالة وأما بالنسبة لصلاة الإمام فهي باطلة أيضاً سواء كان المأموم يرى وجوب الوضوء من أكل لحم الإبل أو لم ير ذلك لكن بشرط أن يكون علم أن الإمام ترك الوضوء من أكل لحم الإبل مع اعتقاد الإمام وجوب الوضوء من ذلك.
أما إذا لم يعلم المأموم أن الإمام ترك الوضوء فصلاة المأموم صحيحة.
الثانية: أن يرى الإمام عدم وجوب ما تركه, كما لو ترك الوضوء من أكل لحم الإبل لترجح ذلك عنده. فهنا صلاة الإمام صحيحة, وأما بالنسبة لصلاة المأموم في هذه الحالة فهي صحيحة حتى ولو كان يرى وجوب الوضوء مما مست النار أو يرى أن الصلاة على النبي - في التشهد الأخير ركن والإمام يرى أنه سنة. قال شيخ الإسلام رحمه الله كما في مجموع الفتاوى:(والقول الثاني تصح صلاة المأموم ... وهذا هو الصواب لما ثبت في الصحيح وغيره عن النبي - أنه قال {يصلون لكم فإن أصابوا فلكم ولهم وإن أخطأوا فلكم وعليهم} , فقد بين النبي - أن خطأ الإمام لا يتعدى إلى المأموم ولأن المأموم يعتقد أن ما فعله الإمام سائغ له, وأنه لا إثم عليه فيما فعل فإنه مجتهد أو مقلد مجتهد, وهو يعلم أن هذا قد غفر الله له خطأه فهو يعتقد صحة صلاته ... وقول القائل: إن المأموم يعتقد بطلان صلاة الإمام خطأ منه, فإن المأموم يعتقد أن الإمام ما وجب عليه وأن الله قد غفر له ما أخطأ فيه)(١).
وقال في موضع آخر: (تجوز صلاة بعضهم خلف بعض " أي المذاهب الأربعة " كما كان الصحابة والتابعون لهم بإحسان ومن بعدهم من الأئمة الأربعة يصلي بعضهم خلف بعض مع تنازعهم في هذه المسائل المذكورة وغيرها, ولم يقل أحد من