للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدهما: أن يكونا في المسجد فيصبح الإقتداء سواء قربت المسافة بينهما أم بعدت لكبر المسجد, وسواء اتحد البناء أم اختلف كصحن المسجد وصفّته, وسرداب فيه وبئر مع سطحه وساحته والمنارة التي هي من المسجد تصح الصلاة في كل هذه الصور وما أشبهها إذا علم صلاة الإمام, ولم يتقدم عليه سواء كان أعلى منه أو أسفل, ولا خلاف في هذا ونقل أصحابنا فيه إجماع المسلمين لكن يشترط أيضاً أن يكون مع المأموم من يزيل فذيته وأيضاً عدم اتصال الصفوف بعضها مع بعض خلاف السنة إذا لم يكن حاجة.

٢ - أن يكون المأموم خارج المسجد فهذه الحالة على خلاف والراجح في ذلك: اشتراط اتصال الصفوف مع إمكان الإقتداء إما برؤية أو سماع تكبير ولا تعتبر الرؤية, قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى كما في مجموع الفتاوى: وأما صلاة المأموم خلف الإمام خارج المسجد أو في المسجد وبينهما حائل, فإن كانت الصفوف متصلة جاز باتفاق الأئمة, وإن كان بينهما طريق أو نهر تجري فيه السفن ففيه قولان معروفان وهما روايتان عن أحمد ... وأما إذا كان بينهما حائل يمنع الرؤية والإستطراق ففيهما عدة أقوال في مذهب أحمد وغيره ... ولا ريب أن ذلك جائز مع الحاجة مطلقاً, مثل أن تكون أبواب المسجد مغلقة ... وقد تقدم أن واجبات الصلاة والجماعة تسقط بالعذر (١).

وقال أيضاً (٢): وأما صلاة الجمعة وغيرها فعلى الناس أن يسدو الأول كما في الصحيحين عن النبي - أنه قال {ألا تصفون كما تصف الملائكة عند ربها؟ قالوا: وكيف تصف الملائكة عند ربها؟ قال: يسدون الأول فالأول ويتراصون في الصف} , فليس لأحد أن يسد الصفوف المؤخرة مع خلو المقدمة, ولا يصف في الطرقات والحوانيت مع خلو المسجد ومن فعل ذلك استحق التأديب, ولمن جاء بعده تخطيه ويدخل لتكميل الصفوف المقدمة فإن هذا لا حرمة له ... وأما إذا صفوا وبينهم وبين الصف الآخر طريق يمشي الناس فيه لم تصح صلاتهم في أظهر قولي العلماء, وكذلك إذا كان بينهم وبين الصفوف حائط بحيث لا يرون الصفوف ولكن


(١) الفتاوى ٢٣/ ٤٠٧.
(٢) الفتاوى ٢٣/ ٤٠٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>