ولأن الراوي للخبر فسره بما ذكرنا؛ ففي حديث ابن عمر: أنه كان إذا أراد أن يوجب البيع مشى قليلًا.
وعن أبي برزة: أن رجلين تخاصما إلى - صلى الله عليه وسلم -، وكانا قد تبايعا فرسًا، وأقاما يومًا وليلة، فقال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول:(البيعان بالخيار ما لم يتفرقا)، وما أراكما تفرقتما، فجعل له الفسخ.
والراوي أعرف بمعنى الحديث، فالمصير إلى قوله أولى.
فإن قيل: يحمل قوله: (ما لم يتفرقا) على الافتراق بالأقوال.
ومعناه: إذا قال: بعتك، فله أن يرجع فيه ما لم يقل المشتري: قد قبلت، وكذلك المشتري بالخيار قبل أن يقول: اشتريت؛ بين أن يقيله، وبين أن لا يقيله، فإذا قال: قبلت، فقد فارقه بالقول، فبطل خيار البائع في الرجوع، وخيار المشتري في الرد.
والتفرق يحصل بالأقوال، قال تعالى:{ومَا تَفَرَّقَ الَذينَ أُوتُوا الكِتَابَ}[البينة: ٤]، وأرد به: التفرق بالقول.
ويقال: اجتمع القوم على كذا، وهم حضور في المجلس.
قال: ويدل على أنه لم يرد التفرق بالأبدان ما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:(ولا يحل له أن يفارقه خشية أن يستقيله).