فإذا وقعت حصاة في ثوب إنسان، فنفضها عن ثوبه، فوقعت في المرمى، فحكى أبو بكر في "الخلاف" عن أحمد جواز ذلك في رواية بكر بن محمد خلافاً للشافعي في قوله: لا يجزئه:
دليلنا: أن الاعتبار بأن ينفرد بالرمي لا بالأصول، ألا ترى أنه لو رمى بها، فوقعت على موضع صلب مثل محمل، أو حجر، فاستثبتت، فوقعت في المرمى، أجزأه؟ كذلك هاهنا.
فإن قيل: المعنى في الأصل: أنها حصلت في المكان بفعله، وليس كذلك هاهنا؛ لأنها لم تتحصل في المكان بفعله، فهو كما لو رمي حربه إلى صيد، فتلقاها مجوسي، فرمى بها إلى الصيد، فقتله، لم يجزئه؛ لأن الذي قتله فعل غيره، كذلك هاهنا.
قيل: قوله في علة الفرع: (لم تتحصل في المكان بفعله) لا يصح؛ لأن رجلاً لو جعل في الطريق نبله، فوقع الحجر عليها، ثم استثبتت، وحصلت في المكان؛ فإنها لم تحصل بفعله، بل حصلت بفعله وفعل صاحب النبلة؛ لأن حكم فعله باقٍ بدليل أنه لو عثر بها إنسان، فوقع، فمات، كان ضامناً، ثم مع هذا يجزئه، فالعلة تبطل بهذا.
فأما المجوسي إذا تلقى الرمية، فرمى بها الصيد؛ فإنه إنما حرمناه لاشتراكهما، والذكاة إذا اشترك فيها من تصح ذكاته ومن لا تصح غلبنا