على أن المراد بهذا: أنه لا يحل له أن يفارق صاحبه خشية أن يفاسخه بما يثبت له من خيار المجلس، فعبر عن الفسخ بالاستقالة؛ لأن الإقالة فسخ.
الدليل على ذلك شيئان:
أحدهما: أنه ذكر في الخبر أمرًا يقتضي أن تنقطع الإقالة بالتفرق، والإقالة لا تفوت بالتفرق.
والثاني: أنه نهى عن المفارقة خوف الاستقالة، وحرم ذلك، والتفرق خوف الاستقالة غير محرم؛ لأن الإقالة غير واجبة، وإنما المنهي عنه هو المفارقة عن المجلس خوف الفسخ لحق الخيار؛ لأنه منهي عن أن يفارق صاحبه بغير إذنه ورضائه؛ ليلزم العقد بذلك، فثبت أن المراد به ما ذكرنا.
ووجه آخر من الاحتجاج بالخبر، وهو: قوله - صلى الله عليه وسلم -: (المتبايعان بالخيار ما لم يتفرقا إلا بيع الخيار).
والمراد به: البيع الذي قطع الخيار فيه؛ لأن الاستثناء ضد المستثنى منه، والمستثنى منه هو إثبات الخيار، وكان الاستثناء ضده، وهو قطع الخيار، وإذا ثبت أن المراد بذلك قطع الخيار، ثبت أن الخيار ثابت لهما بعد التبايع إلى أن يقطعاه.