واحتج بأن الأكل علة ذاتية، والكيل فعلية، والذاتية أشبه بالعقلية، والفعلية أشبه بالشرعية، وإذا اجتمعت عقلية وشرعية كانت العقلية أولى.
والجواب: أن الأكل يختلف، ألا ترى أن الهنيد تأكله العرب، ولا يأكله غيرهم، ولم يمنع اختلاف العادة في الأكل أن يكون علة.
والهنيد: شيء يعمل من حب الحنظل، ومن دهنه، حتى قال شاعرهم:
غنينا بالهنيد عن الثريد
وعلى أن الأكل اعتياد الناس لأكل الشيء وفعلهم [له]، والكيل اعتياد الناس بيعه كيلًا وفعلهم له، فأحدهما كالآخر.
واحتج بأن ما ذكرتموه يؤدي إلى أن يكون الجنس الواحد معللًا بعلتين؛ لأن الحنطة فيها الربا؛ لأنها مكيل، فإذا خبزت جرى فيها الربا؛ لأنه موزون، وهذا لا يجوز، كما لا يجوز تعلل الموزون بعلتين.
والجواب: أن الخبز بالصنعة قد صار في حكم جنس آخر، وبهذا انتقل عن أصله في الكيل.