وقد صوب هذا الطعن عبد الله بن المبارك، فقال: كيف يقال: إن أبا حنيفة لا يعرف الحديث، وهو يقول: زيد أبو عياش لا أقبل خبره؟!
قيل له: من أصل أبي حنيفة: أن من عرف إسلامه، وجهلت حاله، فهو على العدالة، وخبره حجة مل لم يثبت جرحه.
وأما على مذهبنا فإن زيدًا أبا عياش معروف بالثقة والعدالة، وقيل: هو من أهل المدينة، مولى لبني مخزوم.
وقد احتج بهذا الحديث أحمد، ومالك، وذكره أصحاب الحديث، فسقط الطعن.
فإن قيل: الطعن أولى من التعديل، وقد طعن أبو حنيفة فيه.
قيل له: أبو حنيفة لم يطعن، وإنما قال: أبو عياش مجهول غير معروف، وهذا ليس بطعن، ولا يعارض شهادة من عرفه، وشهد بعدالته.
فإن قيل: قد يقف العالم على قبول الحديث مع عدالة الرواة، فلا يلزمه، ألا ترى أن عمر بن الخطاب وقف على قبول خبر عمار في التيمم للجنب مع عدالة عمار، فلا يلزم حكم الخبر عمر لشكه فيه.
قيل له: لا يجوز التوقف في قبول الخبر مع عدالة الرواة، بل يجب العمل به؛ لقوله تعالى:{فَلْيَحْذَرْ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ}[النور:٦٣].