ولأنه لما كان موضوع العرية لأجل الحاجة، وهو أكله للرطب، فمعنى الحاجة موجود هاهنا، وهو أن لا يجد تمرًا يبتاع به الرطب، فجاز أن يبتاع في ذمته.
قيل له: ليس إذا دخلها الربا من وجهٍ، يجب أن يدخلها من وجه آخر، ألا ترى أنه لا يجوز بيعها متفاضلًا؟
ولأنه إنما جاز بيعه خرصًا؛ لأنه يتعذر كيله، والقبض في المجلس غير متعذر.
ولأن مالكًا أجاز بيع الموزونات جزافًا عند عدم الميزان، ولم يوجب ذلك جواز بيعها نسيئًا.
* فصل:
والدلالة على أنه لا يجوز ذلك ممن لا حاجة به إلى أكل الرطب خلافًا للشافعي، وهو: أن العرية مستثناة لأجل الحاجة الداعية إلى أكل الرطب لمن لا تمر معه، وبهذا وردت السنة في حديث محمود بن لبيد قال: رخص رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يبتاعوا العرايا بخرصها من التمر الذي في أيديهم؛ يأكلون به رطبًا.
فرخص لهم لأجل الحاجة إلى أكله.
وكذلك في حديث سهل بن سعد: يأكلها أهلها رطبًا.
وإذا كانت الرخصة وردت على هذا الوجه، وجب أن تكون مقصورًة عليه.