دليلنا: أنه ترفه لو استدامه لوجب الدم، فإذا قطعه لم يسقط الدم.
دليله: إذا تطيب، أو لبس، ثم غسل الطيب، وخلع اللباس بعد ذلك، فإنه يلزمه الدم، كما لو استدامه، كذلك هاهنا، لو استدام المضي على إحرامه، ولم يرجع، لزمه، كذلك إذا رجع.
فإن قيل: إنما لزم الدم؛ لأنه حصل له هناك الاستمتاع بالطيب، ولبس الثوب، ونزعه وغسله لا يزيلان ذلك، وإنما يقطعان الاستمتاع في الحال، فلزمته الفدية لأجل ما حصل له، وفي مسألتنا إذا عاد لزمته مشقة في العود مقابل ما حصل له من الترفه.
قيل له: فيجب إذا رجع ولم يلب - أو رجع بعدما طاف - أن يسقط عنه أيضاً للمعنى الذي ذكرته.
وعلى أنه لا فرق بينهما، وذلك أنه لما حصل في الميقات، لزمه الإحرام منه، ولم يجز له مجاوزته محلاً، فإذا جاوزه محلاً فقد ترفه بترك الإحرام في ذلك الزمان، فإذا عاد إليه محرماً فلم يزل ذلك الترفه في الزمان الماضي، وإنما حصل منه الرجوع بأحرام في الزمان الثاني.
ولأن كل دم استقر عليه إذا تلبس بالطواف، أو لم يأت بالتلبية، استقر عليه قبل التلبس به وبعد التلبية.