وهذا - أيضاً - يدل على: أنه تجب عليه الكفارة إذا كان الاعتكاف واجباً بالنذر، وإنما لم يوجبه هاهنا؛ لأنه غير واجب.
وقوله:(إذا كان ذلك نهاراً) قصد به إذا كان الاعتكاف واجباً عليه نهاراً، ولم يوجبه على نفسه ليلاً، فأما إن أوجب اعتكافه شهراً متتابعاً، أو أياماً متتابعة، فإن الليل والنهار سواء في ذلك.
وبهذا قال الحسن البصري والزهري فيما حكاه ابن المنذر عنهما.
وروى أبو داود عنه: إذا جامع المعتكف، فلا كفارة عليه.
فقد أطلق القول بإسقاط الكفارة.
وهو قول أبي حنيفة ومالك والشافعي.
وجه الرواية الأولى: أن الاعتكاف عبادة يحرم فيها الوطء، ويفسدها، فوجب فيها كفارة. دليله: الصيام والحج.
ولا يلزم عليه الصلاة والطواف؛ لأن الوطء هنا يفسد الطهارة، وبفساد الطهارة فسد الطواف والصلاة.
وإن شئت قلت: لبث في مكان مخصوص، أشبه الحج.
أو تقول: عبادة تختص المسجد، أشبه الحج.
وإن شئت قلت: عبادة تبيح الكلام وتحرم الوطء، وأشبه الصوم والحج، وفيه احتراز من الصلاة؛ لأنها تحرم الكلام.
فإن قيل: لو كان مثل الصيام والحج لو جبت الكفارة العظمى.