فإن قيل: هذا باطل بالإحرام والتلبية؛ فإن كل واحد منهما نسك في الحج والعمرة، ولا يقتصر في القران على واحد منهما؛ لأنه يحتاج إلى نيتين في القران وتلبيتين، فيقول: لبيك بحجة وعمرة.
قيل له: لا يلزم؛ لأن من أحرم بالحج، فيحتاج أن ينوي فيه الحج، وهذه النية لا تكون في العمرة، وكذلك نية العمرة لا تكون في الحج، فإذا جمع بينهما احتاج أن يأتي بالنيتين جميعاً، فلا يدخل على ما قلنا؛ لأننا عللنا النسك الذي يكون في الحج والعمرة معاً.
وكذلك التلبية؛ من أحرم بالحج؛ فإنه يقول: لبيك بالحج، وذكر الحج لا يأتي به في العمرة، وذكر العمرة لا يأتي به في الحج، وقوله:(لبيك) يأتي به في الحج والعمرة معاً، ويقتصر في القران على واحد؛ لأنه لا يحتاج أن يقول: لبيك بالحج، ثم يقول: لبيك بالعمرة.
فإن قيل: جواز الاقتصار على حلق واحد في حال الجمع، لا يوجب الاقتصار على طواف واحد وسعي واحد، كما لم يوجب الاقتصار على نية واحدة.
قيل له: نية الحج مخالفة لنية العمرة، كنية صلاة الظهر مخالفة لنية صلاة العصر، فلم يتداخلا، وليس كذلك طواف الحج وطواف العمرة؛ لأنهما على صفة واحدة، فهما كالحلق لهما، فتداخلا، كما تداخل الحلق.