فإن قيل: تلك مقصودة لفعل نسك، وهو الجمع بين المغرب والعشاء، وهذا معدوم في ليالي منى.
قيل: الجمع عندنا لا يُفعل للنسك، وإنما يفعل لأجل السفر.
واحتج المخالف بأن البيتوتة بمنى ليست نسكاً في نفسها، وإنما تراد للتأهب لغيرها، وهو الرمي بالنهار، فصار كالبيتوتة بها ليلة عرفة؛ لما أُريدت للتأهب لغيرها، وهو الخروج إلى عرفات بالنهار، لم يجب بتركها شيء، كذلك هاهنا.
والجواب: أن قوله: (البيتوتة ليست بنسك في نفسها) غير صحيح، بل هي مقصودة في نفسها بدليل أن العباس بن عبد المطلب استأذن رسول الله صلى الله عليه وسلّم أن يبيت بمكة ليال منى لأجل سقايته، فأذن له، فلو لم تكن مقصودة لم يستأذن فيها، ولم يخصها بالذكر.
وعلى أن الرمي بعد الزوال لا تعلق له بالبيتوتة، ولا تفتقر إليه، ويفارق هذا المبيت ليلة عرفة؛ لأن ذلك ليس بنسك، وإنما هو استراحة، ولهذا الناس بين بائت بمكة في هذه الليلة، وليس كذلك هاهنا؛ لأن هذا نسك يُفعل بعد كمال التحلل، فهو كالرمي والطواف.
فإن قيل: والدلالة على أنها مأمور بها لأجل الرمي بالنهار: أنها