دليلنا: ما تقدم من حديث ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وسلّم قال: "لا ينفرن أحدكم حتى يكون آخر عهده بالبيت".
وهذا يقتضي أن آخر شغله بمكة يكون الطواف بالبيت، وإن أقام لقضاء حوائجه وأشغاله، وزيارة أصدقائه، لم يكن آخر عهده بالبيت.
فإن قيل: المراد بالخبر: أنه يختم مناسكه بالطواف، وقد وُجد ذلك منه.
قيل له: لا يصح هذا التأويل؛ لأنه قال:"حتى يكون آخر عهده بالبيت"، ولم يقل: آخر مناسكه بالبيت.
وأيضاً فإن هذا الطواف سُّمي طواف الصدر، وطواف الوداع، وإذا أقام بعده شهراً لم يوجد الاسم في العرف والعادة، فيجب أن لا يُعتد به.
فإن قيل: تأخيره لا يمنع وقوع الاسم، ألا ترى أن طواف الزيارة سُّمي طواف الإفاضة والزيارة، ثم لو أفاض ولم يطف حتى ترك مكة شهراً وأكثر، ثم طاف، وقع موقع الواجب، وإن زال الاسم عنه.
قيل له: حقيقة الاسم معتبرة في طواف الوداع بدليل أنه لو طاف