وعلى هذا: أنه لا تصح النيابة في نقل الحج؛ لأنه كان ليس له أن يحج بعد الفرض، ويجعل العلة: أنه ليس عليه.
وقال في موضع آخر من "مسائلة": وقد سأله: الرجل [يعطي المال للحج]، قال: لا، لا يأخذ.
هذا محمول على الاستبانة في حجة التطوع، فأما في حجة الفرض، فقد نص في موضع آخر: أنها تخرج عنه، فقال: سألته عن الرجل يحج عنه، قال: إذا لم يكن حج فمن جميع المال، وكذلك جميع ما يلزمه من الزكاة وغيره، والزكاة أشد.
فقد نص في حجة الفرض.
وقوله:"الزكاة أشد" لم يرد أنها تقدم على الحج، أو أنها تقضي دون الحج، وإنما أراد أنهما- وإن كانا يقضيان- فإن الزكاة أكد؛ لأنه يتعلق بها حق الله- تعالى- وحق الآدمي، وهم الفقراء، والحج يتعلق به حق الله فقط، والدين يتعلق به حق آدمي فقط.
فالدلالة على أنه تصح الاستبانة في حجة التطوع: أن كل ما صحت النيابة في فرضه، صحت في نقله، كالصدقة؛ لما جاز أن يقول لغيره:(خذ [من] مالي خمسة دراهم، وأد الزكاة الواجبة علي) جاز أن يقول له: (خذ من مالي خمسة دراهم، تصدق بها صدقة التطوع).