وأما أبو حنيفة فالدلالة عليه- وأن من كان منزله الميقات أو وراء الميقات إلى مكة: أنه لا يجوز له دخولها بغير إحرام-: ما تقدم من حديث شريح، وهو عام، وحديث ابن عباس، والقياس على من مكان منزله وراء الميقات إلينا بالعبارة التي تقدمت، وهو: أن من لا يتكرر دخوله، فإذا دخلها لغير قتال، وهو من أهل فرض الحج، لم يجز له دخولها بغير إحرام.
دليله: ما ذكرنا.
فإن قيل: المعنى في الأصل: أنه يجتاز بالميقات، فلهذا لزمه الإحرام، وهذا لا يجتاز به.
قيل له: قريته ميقاته، ولهذا لا يجوز أن يتجاوزها إذا أراد الإحرام إلا محرماً.
وعلى أن الإحرام لتعظيم الحرم دون الميقات؛ لأنه إذا اجتاز بالميقات لدخول قرية في الحل لم يجب عليه الإحرام، فإذا كان دون الميقات، فأراد أن يدخل الحرم، استحب له أن يحرم، فدل على أنه لحرمة الحرم وتعظيمه وتشريفه، فإذا وجب على من كان منزلة وراء الميقات إلينا، وجب على من كان منزلة وراء الميقات إلى مكة.