عن الجزاء الذي أخرجه عن ملكه، فإذا أكله صار كالعائد فيما أخرجه.
قيل له: هذا يبطل بما تقدم من صيد الحرم؛ فإن له بدلاً، وإذا أكله لم يصر عائداً فيما أخرجه، وكذلك أكل البيضة، والانتفاع بالغصن، وأكل لحم شاة الغير إذا قلتها.
واحتج المخالف بقوله تعالى:{لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنتُمْ حُرُمٌ وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} إلى قوله: {لِّيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِي}[المائدة: ٩٥]؛ يعني: بما لزمه من إخراج الجزاء، فلو لم يجب عليه جزاء ما أكل، لم يكن ذائقاً وبال أمره؛ لأنه قد حصل له منه بإزاء ما أخرجه عن ملكه.
والجواب: أن الوبال هو الثقل والشدة، ومن اصطاد صيداً، وقتله، وأوجبنا عليه الضمان، ثقل عليه ذلك، واشتد، فقد ذاق وبال أمره، ولا سيما إذا كان يعتقد أن الصيد من كسبه، وأنه يأكل كسبه، فإذا أوجبنا عليه ضمان الجملة، فقد وجد معنى الوبال.
وعلى أن عندنا الجزاء أكثر من القيمة؛ لأن الحمامة تُضمن بالشاة، والنعامة بالبدنة، ومعلوم أن الحمامة لا تساوي شاة، ولا النعامة بدنة، فهو ذائق وبال أمره، وإن لم نوجب عليه الجزاء بالأكل.
واحتج بما روي عن النبي صلى الله عليه وسلّم: أنه قال: "هل أشرتم؟ هل أعنتم؟ " قالوا: لا. قال:"فكلوا".