فإن قيل: إذا قتل الجماعة، فكل واحد منهم قاتل، فالشرط موجود منه على الانفراد، ألا ترى أن جماعة قتلوا رجلاً عمداً، وجب على كل واحد منهم القصاص؟ فلولا أن كل واحد منهم قد قتله، لما جاز أم يُقتل به.
قيل له: لا نقول: إن كل واحد من الجماعة قاتل على الانفراد؛ لأن القتل هو الفعل الذي يؤدي إلى خروج الروح، وهذا فعل الجماعة، وليس فعل كل واحد منهم.
ويبين صحة هذا: أنه يلزم جماعتهم دية واحدة، ولو كان كل واحد منهم قاتلاً على الانفراد للزمته دية كاملة، وإنما أوجبنا القصاص على جماعتهم؛ لأنه مما لا يتبعض، فكمل البعض، كما يُكمل ما لا يتبعض من الطلاق وغيره، ألا ترى أن ما يتبعض -وهو الدية- لم يُكمل، بل لزمهم بالحصص، كذلك هاهنا؛ لما كان الجزاء مما يتبعض، يجب أن يتجزأ، ولا يُكمل.
والدلالة الثانية: قوله: {وَمَن قَتَلَهُ}، ولفظه (من) تنتظم الواحد والجماعة، فاقتضى ظاهر الآية: أن الواحد إذا قتل صيداً لزمه جزاء مثله، وأن الجماعة إذا قتلت صيداً لزمهم جزاء مثله؛ لأن اللفظ يتناول الجميع على حد واحد.