فإن قيل: نص الله -تعالى- على المحصر، فأوجب عليه الهدي، ونص على المتمتع، فأوجب عليه الهدي، فإن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج، وسبعة إذا رجع، فلا يجوز حمل المحصر على المتمتع؛ إذ المنصوصات لا يقاس بعضها على بعض، ألا ترى السارق -وإن كثرت جنايته- لا تُقطع يده ورجله قياساً على المحارب؛ لأن كل واحد منهما منصوص على حكمه؟ وكذلك لا يجوز أن يقاس التيمم على الوضوء في مسح الرأس والرجلين.
قيل له: الصوم في آية المحصر مسكوت عنه، وفي آية المتمتع منطوق به، فليس في قياس أحدهما على الآخر حمل المنصوص عليه.
وأما امتناع حمل السارق على المحارب، والمتيمم على المتوضئ، فالإجماع منع من ذلك.
واحتج المخالف بقوله تعالى:{فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ}[البقرة: ١٩٦]، فأمر بالهدي، وأمره على الوجوب، وفي جواز العدول عنه إلى الصوم إسقاط لوجوب الهدي.
والجواب: أنه أوجب الهدي إذا استيسر، وخلافنا إذا عدم الهدي، وتعذر ولم يتيسر، وليس في الآية ما يدل على هذا عنده، فلم يصح الاحتجاج به، وأخذنا وجوبه من طريق القياس، كما أثبتوا جزاء الصيد في الحرم بالقياس على جزاء الصيد على المحرم، وكما أثبتوا كفارة