للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فحَمِدَ اللَّه وأثنى عليه، وشَهِد أنّه عبدُ اللَّه ورسولُه، ثم قال: "أيُّها النّاس، أَنْشُدُكم اللَّهَ إن كنتُم تعلمون إنّي قَصَّرْتُ عن شيء من تبليغ رسالاتِ ربّي عزّ وجلّ لَما أخبرتموني ذلك" (١). قال: فقام رجل فقالوا: نشهدُ أنّك قد بَلَّغْتَ رسالاتِ ربِّك، ونَصَحْتَ لأُمّتك، وقَضَيْتَ الذي عليك.

ثم قال: "أما بعد، فإن رجالًا يزعمون أن كسوفَ هذه الشمسِ وكسوفَ هذا القمر وزوالَ هذه النجوم عن مطالعها لِموت رجال عُظماء من أهل الأرض، وإنّهم كذبوا، ولكنها آيات من آيات اللَّه تبارك وتعالى، يعتبرُ بها عبادُه، فينظرُ من يُحْدِثُ له منهم توبة. وايمُ اللَّه، لقد رأيتُ منذُ قمتُ أصلّي ما أنتم لاقون في أمر دنياكم وآخرتكم، وإنّه واللَّه لا تقومُ الساعة حتى يخرجَ ثلاثون كذّابًا آخرُهم الأعورُ الكذّاب (٢)، ممسوحُ العين اليسرى كأنّها عينُ أبي تحْيى -لشيخ حينئذ من الأنصار بينه وبين حجرة عائشة- وإنه متى يخرجْ فإنّه سوف يزعمُ أنّه اللَّهُ تبارك وتعالى، فمن آمنَ به وصدّقه واتّبعَه لم ينفعْه صالحٌ من عمله سَلَف، ومن كفرَ به وكذَّبَه لم يُعاقَبْ بشيءٍ (٣) من عمله سَلَف. وإنه سيظهرُ على الأرض كلِّها إلا الحرم وبيت المقدس. وإنه يحضرُ المؤمنين في بيت المقدسِ فيُزَلْزَلون زِلزالًا شديدًا، ثم يُهْلِكُه اللَّه عزّ وجلّ، حتى إنّ جِذْمَ الحائط وأصلَ الشجرة لينادي، يقول: يا مؤمن -أو قال: يا مسلمُ، هذا يهوديٌّ - أو قال: هذا كافرٌ- تعال فاقتله. قال: ولن يكون ذلك حتى ترَوا أمورًا يتفاقمُ شأنُها في أنفسكم (٤)، ثم على إثر ذلك القبض" (٥).


(١) في المسند زيادة "فبلّغت رسالات ربّي كما ينبغي لها أن تبلغ، وإنْ كنتُم تعلمون أنّي بلغت رسالات ربّي لما أخبرتموني ذاك".
(٢) في المسند "الدّجّال".
(٣) ويروى "بشيء".
(٤) في المسند بعدها: "وتساءلون بينكم: هل كان نبيُّكم ذكر لكم منها ذكرًا؟ وحتى تزول جبال على مراتبها، ثم على أثر ذلك القبض".
(٥) المسند ٥/ ١٦. ومن طريق زهير أخرجه أبو داود ١/ ٣٠٨ (١١٨٤)، والنسائي ٣/ ١٤٠، ولم يذكرا الخطبة. ومن طريق سفيان عن الأسود أخرج الترمذي أوله ٢/ ٤٥١ (٥٦٢) وقال: حسن صحيح. ومن طريق زهير صحّحه ابن حبان ٧/ ٩٤ (٢٨٥٢)، والحاكم ١/ ٣٢٩ على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي. ولكن ذكر ١/ ٣١٤ جزءًا منه، فعلّق الذهبي: ثعلبة مجهول، وما أخرج له الشيخان شيئًا. وهذا هو الصحيح. قال الذهبي في الميزان ١/ ٣٧١ (١٣٨٩) سمع سمرة، وعن الأسود بن قيس فقط بحديث الاستسقاء الطويل. قال ابن المديني: يروى عن مجاهيل. وقال ابن حزم: ثعلبة مجهول. وضعّف الألباني الحديث، وضعّف محقّق ابن حبّان إسناده.

<<  <  ج: ص:  >  >>