للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أنّ ثلاثة نَفَرٍ فيما سلفَ من النّاس انطلقوا يرتادون لأهليهم، فأخَذتهم السماء، فدخلوا غارًا، فسقط عليهم حَجَرٌ متجافٍ (١) حتى ما يرون منه خَصاصةً، فقال بعضهم لبعض: قد وقع الحجرُ، وعفا الأثرُ، ولا يعلمُ بمكانكم إلّا اللَّه، فادعوا اللَّه عزّ وجلّ بأوثق أعمالكم. قال:

فقال رجلٌ منهم: اللهمّ إن كنتَ تعلمُ أنّه كان لي والدان، فكنتُ أحلُبُ لهما في إنائهما فأتيهما، فإذا وجدتُهما راقدَين قُمتُ على رؤوسهما كراهية أن أرُدّ سِنَتَهما في رؤوسهما حتى يستيقظا متى استيقظا، اللهمّ إنْ كنتَ تعلمُ أني إنّما فعلت ذلك رجاء رحمتك ومخافةَ عذابك ففرّج عنا. قال: فزال ثلثُ الحجر.

وقال الآخر: اللهمّ إن كنتَ تعلم أنّي استأجرْت أجيرًا على عمل يعمله، فأتاني يطلب أجرَه وأنا غضبان فزَبَرْتُه (٢)، فانطلق وترك أجرَه ذلك، فجمعْته وثمّرْتُه حتى كان منه كلُّ المال، فأتاني يطلب أجرَه، فدفعت إليه ذلك كلَّه، ولو شئتُ لم أُعْطِه إلّا أجرَه الأوّل. اللهمّ إنْ كنتَ تَعلمُ أنّي فعلتُ ذلك رجاءَ رحمتك ومخافةَ عذابك ففرِّج عنّا. فزال ثُلُثا الحجر.

وقال الثالث: اللهمّ إنْ كنتَ تعلمُ أنّه أعجبَته امرأةٌ، فجعل لها جُعلًا، فلما قدر عليها وَفّر لها نَفْسَها وسلَّم لها جُعْلَها. اللهمّ إن كنتَ تعلمُ أنّي إنما فعلتُ ذلك رجاءَ رحمتك ومخافةَ عذابك ففرِّج عنا. فزال الحجرُ، وخرجوا معانيق يمشون" (٣).

ومعنى: ما يرَون منه خَصاصة: أي ما يرَون منه ضوءًا.

(١٢٩) الحديث السادس: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عبد الصمد قال: حدّثنا شُعبة قال: حدّثنا ثابت قال:

سمعت أنسًا يقول لامرأة من أهله: أتعرفين فلانةً؟ فإن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- مرّ بها وهي تبكي على قبرٍ فقال لها: "اتّقي اللَّه واصبري". فقالت له: إليكَ عنّي، فإنّك لا تُبالي


(١) تجافى: تباعد. والمعنى أنّه منفصل منفرد.
(٢) زبرته: منعته.
(٣) المسند ١٩/ ٤٣٨ (١٢٤٥٤)، ومسند أبي يعلى ٥/ ٣١٣ (٢٩٣٨)، قال الهيثمي - المجمع ٨/ ١٤٣: رواه أحمد وأبو يعلى، وكلاهما رجاله رجال الصحيح. والحديث في الصحيحين عن ابن عمر - الجمع ٢/ ١٥٥ (١٢٦١). وينظر الفتح ٦/ ٥٠٦، والمسند ١٠/ ١٨٠ - ١٨٣ (٥٩٧٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>