للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن فاطمة بنت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أرسلت إلى أبي بكر تسألُه ميراثَها من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فذكر مثل الحديث المتقدّم إلى قوله:

وعاشت بعد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ستة أشهر، فلما تُوُفِّيت دفنَها عليٌّ ليلًا ولم يُؤْذِن بها أبا بكر، وصلَّى عليها. وكان لعليٍّ من النّاس وجهٌ حياةَ فاطمة، فلما تُوُفِّيَت استنكرَ وجوه النّاس، فالتمسَ مُصالحة أبي بكر ومبايعتَه، ولم يكن بايعَ تلك الأشهر. فأرسل إلى أبي بكر: ائْتِنا، ولا يَأْتِنا معك أحد، وكره أن يأتيَه عمر لِما علم من شدّة عمر. فقال عمر: لا واللَّه، لا تدخلُ عليهم وحدَك. فقال أبو بكر: ما عسى أن يصنعوا بي، واللَّه لآتيَنَّهم. فانطلقَ أبو بكر فدخل عليهم، فتشهَّدَ عليٌّ وقال: إنّا قد عَرَفْنا فَضْلَك وما أعطاك اللَّه، ولم نَنْفَسْ عليك خيرًا ساقَه اللَّهُ إليك، ولكنَّكم اسْتَبْدَدْتُم بالأمر، وكُنَّا نرى لقرابتنا من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أنّ لنا في هذا الأمر نصيبًا، فلم يزل عليٌّ يذكَر حتى بكى أبو بكر. فلما تكلّم أبو بكر قال: والذي نفسي بيده، لَقَرابةُ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أحبُّ إليَّ أن أَصِلَ من قرابتي، وأما الذي شجر بيني وبينكم في هذه الأموال، فإنّي لَمْ آلُ فيه عن الخير، ولم أتركْ أمرًا صنعَه رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إلَّا صَنَعْتُه، فقال عليٌّ: مَوْعِدُك للبيعة العشيَّة. فلما صَلَّى أبو بكر الظهرَ رَقِيَ المِنبر، فتشهَّد، وذكر شأن عليّ وتخلُّفَه عن البيعة، وعَذَره بالذي اعتذرَ إليه، ثم استغفر. وتشهَّد عليٌّ، وعظَّمَ حقَّ أبي بكر، وذكر فضيلتَه وسابِقَتَه، وحدّث أنّه لَمْ يَحْمِلْه على الذي صنع نَفاسةً على أبي بكر ولا إنكارًا للذي فضّله اللَّه به. فأقبل النّاس على عليٍّ فقالوا: أصبْتَ وأحسنْتَ. وكان المسلمون إلى عليٍّ قريبًا حين راجع الأمرَ المعروف.

أخرجاه (١).

(٣٢٩٩) الحديث التاسع: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عفّان قال: حدّثنا همّام قال: حدّثنا ثابت بن أنس: أن أبا بكر حدّثه قال:

قلتُ للنبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- ونحن في الغار: لو أنّ أحدَهم نظرَ إلى قدمَيه لأَبْصَرَنا تحتَ قدمَيه. قال: فقال أبو بكر: ما ظَنُّك باثنين اللَّهُ ثالثهما.

أخرجاه (٢).


(١) البخاري ٧/ ٤٩٣ (٤٢٤٠). ومن طريق عقيل في مسلم ٣/ ١٣٨٠ (١٧٥٩).
(٢) المسند ١/ ١٨٩ (١١). ومن طريق همّام في البخاري ٧/ ٨ (٣٦٥٣)، ومسلم ٤/ ١٨٥٤ (٢٣٨١)، وعفّان من رجال الشيخين.

<<  <  ج: ص:  >  >>