ولكن هناك أحاديث لصحابة لهم مسانيد، فأضاف أحاديث ممّا لم ترد في مصادره (١).
ولكن أغرب ما في هذا الجانب، أن يكون أمامه أحاديثُ في البخاري أو مسلم أو المسند، ومع ذلك يستدركها بإسناده إلى غيرها، وقد يقول في بعضها: أخرجاه. . أو أخرجه مسلم (٢٦٣١، ٤٦٤١، ٤٦٨٧، ٦٣١٥. . .).
هذه الأحاديث التي جمعها من الكتب الأربعة والزيادات لم تصل عند ابن الجوزي في "الجامع" إلى ثمانية آلاف حديث -عدا الطرق. في حين تصل الأحاديث- مع مكرّراتها في هذه الكتب إلى أضعاف ذلك، بحيث يكون مختصر المؤلّف لا يصل إلى ربع عدد الأحاديث الموجودة في هذه المصادر.
ولكن هذا الاختصار لم يمنع من تكرار الحديث في مواضع، لأنّ الحديث قد يرويه أكثر من صحابي، فيتكرّر في المسانيد، وقد يشترك في قصة الحديث أكثر من صحابي، فيكون مظنة وروده في مسانيد: فأمر النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أن يصلّيَ أبو بكر في الناس، في مرضه. وما دار بين ابن عمر وأبي هريرة في فضل من تبع جنازة، واحتكامهما إلى عائشة. وقصّة تأيّم حفصة، وعرض عمر إيّاها على أبي بكر وعثمان، وزواج النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- منها. والنهي عن أن تُحِدَّ المرأةُ أكثر من ثلاث إلا على زوجها. وأكل المؤمن في معًى واحد والكافر في سبعة أمعاء. وقصّة الدّجّال، وابن صيّاد، وغيرها من الأحاديث ورد الواحد منها في أكثر من مسند من الكتاب.
* * * *
وأما ترتيب المؤلّف الأحاديث في المسند الواحد فأمرٌ لا دقّة فيه. ولا ضابط واضحًا له. فلم يُراع ترتيب الرواة عن الصحابة، كما أنّه لم يرتّب على أسماء شيوخه. وابن الجوزيّ أمامه المسند، يحاول -إلى حدّ كبير- أن يراعيَ ترتيب الأحاديث كما وردت فيه، وإن لم يكن ذلك مُلزمًا له في كلّ مسند، ففي بعض المسانيد يبدأ بحديث من وسط المسند أو من آخره، لأنّه يرى أنّه أتمّ رواية. وهو إذا ذكر حديثًا سار وراءه متتبّعًا طرقه ورواياته في مواضعها. وأحيانًا نجد المؤلّف يحاول أن يجمع الأسانيد المتشابهة والمتقاربة