ليستغنيَ عن إعادة الإسناد، ومرّات يجتهد أن يجمع أحاديث متقاربة في المعنى، ولكن ليس هذا هو الشائع، ونقول مرّة أخرى: إنّه ليس للترتيب داخل المسند اعتبارات وسبل واضحة.
والغرض المهمّ للمؤلّف هو جمع أحاديث الصحابيّ في مسند واحد من مصادره كلّها، ولا أزعم أنّه استوعبَ كلَّ الأحاديث، ولم أُجرِ دراسة دقيقة لكلّ المسانيد، ولكن في بعض المسانيد التي تتبّعْتُ ما ذكر منها اعتمادًا على المسند والجمع بين الصحيحين، تبيَّن لهم إغفالُ بعض الأحاديث.
* * * *
ويورد ابن الجوزيّ الحديث في كتابه تحت "المسند" المصنّف بصورة تختلف قليلًا أو كثيرًا عمّا هو الحال في المصدر. ويتّضح ذلك من سوق بعض الأمثلة:
ففي المسند: حدّثنا عبد الأعلى، حدّثنا سعيد عن قتادة عن الحسن عن عبد اللَّه بن مغفلّ.
حدّثنا عبد اللَّه، حدّثنا داود بن عمر الضبّيّ، حدّثنا سلّام أبو الأحوص عن سماك عن جابر بن سمرة. . .
وفي البخاري: حدّثنا أبو نعيم، حدّثنا شيبان عن يحيى عن أبي سلمة عن جابر. .
فترد هذه الأحاديث عندنا هكذا:
حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عبد الأعلى قال: حدّثنا سعيد عن قتادة عن. . .
حّدثنا عبد اللَّه قال: حدّثنا داود بن عمرو الضبيّ قال: حدّثنا سلام أبو الأحوص عن سماك. .
حدّثنا البخاريّ قال: حدّثنا أبو نعيم قال: حدّثنا شيبان عن يحيى عن. .
فيلحظ أن المؤلّف اعتمادًا على السند الذي ساقه في مقدّمته إلى أصوله يجعل نفسه راويًا عن البخاري أو غيره. والأمر الآخر أنّه يضيف قبل كلمة التحديث: قال، فتصير: قال: حدّثنا. . . وفي غير ذلك فإنَّه يلتزم كثيرًا بما في مصادره. وبخاصّة التفرقة بين التصريح بالتحديث والسماع، وبين "عن".