للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: فخرج عليهم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: "إنّ اللَّه لَيُلِينُ قلوبَ رجال فيه حتى تكونَ ألينَ من اللّبَن، وإن اللَّه ليشُدُّ قلوبَ رجال فيه حتى تكونَ أشدَّ من الحِجارة، وإن مَثَلَكَ يا أبا بكرِ كَمَثَل إبراهيم عليه السلام، قال: {فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [إبراهيم: ٣٦]. ومَثَلَك يا أبا بكر كمثل عيسى، قال: {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [المائدة: ١١٨]. وإنَّ مَثَلَكَ يا عمرُ كَمَثَلِ نوحٍ، قال: {رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا} [نوح: ٢٦]. وإن مَثَلَك يا عمر كمَثَل موسى، قال: {رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ} [يونس: ٨٨]. أنتم عالة، فلا يَنْفَلِتَنَّ أحدٌ منكم إلّا بفداء أو ضربة عُنُق". قال عبد اللَّه: فقلت: يا رسول اللَّه، إلّا سُهيلَ بن بيضاء، فإني قد سمعتُه يذكر الإسلام. قال: فسكت، قال: فما رأيْتُني في يومٍ أخوفَ أن تقعَ عليَّ حجارةٌ من السماء في ذلك اليوم، حتى قال: "إلّا سُهيلَ بن بيضاء" قال: فأنزل اللَّه عزّ وجلّ: {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٦٧) لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} (١) [الإنفال: ٦٧، ٦٨].

(٤٠١٩) الحديث الحادي والعشرون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أبو معاوية قال: حدّثنا الأعمش عن شقيق عن عبد اللَّه قال:

قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "عليكم بالصدق، فإنّ الصدق يهدي إلى البرِّ، وإنَّ البِرَّ يهدي إلى الجنّة، وما يزال الرجل يصدقُ حتى يُكتَبَ عند اللَّه صِدّيقًا، وإياكم والكذبَ، فإن الكذبَ يهدي إلى الفجور، وإن الفجورَ يهدي إلى النّار، وما يزال الرجلُ يكذب (٢) حتى يُكْتَبَ عند اللَّه كذابًا".


(١) المسند ٦/ ١٣٨ (٣٦٣٢). وأخرجه الترمذي ٤/ ١٨٥ (١٧١٤) من طريق أبي معاوية مقصرًا على صدره: . . . "ما تقولون في هؤلاء الأسرى؟ " قال: فذكر قصة في هذا الحديث طويلة. ولم يَسُقها، وقال: وفي الباب عن عمر وأبي أيوب وأنس وأبي هريرة. وهذا حديث حسن، وأبو عبيدة لم يسمع من أبيه. وذكر الهيثمي الحديث ٦/ ٨٩ وقال: وفيه أبو عبيدة، لم يسمع من أبيه، ولكن رجاله ثقات. أما أبو نعيم فأورده في الحلية ٤/ ٢٠٧، وقال: هذا حديث غريب من حديث أبي عبيدة، لم يروه عنه إلا عمرو بن مرّة. وأطال محقّقو المسند في تخريجه وذكر مظانّه وشواهده.
(٢) في المسند "ويتحرّى الكذب" ومثلها في مسلم في إحدى الروايات، وزاد فيها عند ذكر الصدق: "وما يزال الرجل يصدق ويتحرّى الصدق. . . ".

<<  <  ج: ص:  >  >>