للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن تطوف بالبيت فطُف به. فقال: ما كنت لأفعلُ حتى يطوفَ رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. قال: واحتَبَسَتْه قريشٌ عندها. قال: فبلغ رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أن عثمان قد قُتل.

قال محمد: فحدّثَني الزُّهري أن قريشًا بعثوا سهيل بن عمرو وقالوا: ائتِ محمدًا فصالِحْه، ولا تَكُنْ في صُلحه إلّا أن يرجعَ عنّا عامَه هذا، فواللَّه لا تتحدّثُ العرب أنّه دخلَها علينا عَنوةً أبدًا. فأتاه سهيل بن عمرو، فلما رآه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "قد أراد القوم الصلحَ حيث بعثوا هذا الرجل، فلمّا انتهى إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- تكلّما وأطالا الكلام، وتراجعا حتى جرى بينهما الصلح، فلما التأم الأمرُ ولم يبقَ إلّا الكتاب، وثب عمرُ بن الخطاب فأتى أبا بكر فقال: يا أبا بكر، أليس برسول اللَّه؟ أو لسنا بالمسلمين؟ أوَليسوا بالمشركين؟ قال: بلى. قال: فعلام نُعطَي الذِّلّةَ في ديننا؟ فقال أبو بكر: الْزَمْ غَرْزَه حيث كان، فإني أشهدُ أنّه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. قال عمر: وأنا أشهدُ أنّه رسول اللَّه. ثم أتى رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: يا رسول اللَّه، أوَلسنا بالمسلمين؟ أَوَليسوا بالمشركين؟ قال: "بلى" قال: فعلام نُعْطَى الذّلّةَ في ديننا؟ . قال: "أنا عبد اللَّه ورسوله، لن أخالفَ أمره، ولن يُضَيِّعَني" ثم قال عمر: ما زِلْتُ أصومُ وأصلّي وأُعْتِقُ من الذي صنعتُ مخافة كلامي الذي تكلّمت به يومئذ، حتى رجوتُ أن يكونَ خيرًا.

قال: ثم دعا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عليّ بن أبي طالب فقال له: "اكتب: بسم اللَّه الرحمن الرحيم" فقال سهيل بن عمرو: لا أعرف هذا، ولكن اكتب: باسمك اللهمّ. فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- "اكتب: باسمك اللهمّ. هذا ما صالحَ عليه محمّد رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- سهيلَ بن عمرو" فقال: لو شَهِدْتُ أنك رسول اللَّه لم أُقاتِلْك، ولكن اكتب: هذا ما اصطلح عليه محمّد بن عبد اللَّه وسهيل بن عمرو، على وضع الحرب عشر سنين، يأمنُ فيها النّاس، ويكُفُّ بعضُهم عن بعض، على أنّه من أتى رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- من أصحابه بغير إذن وليّه ردَّه عليهم، ومن أتى قُريشًا ممّن مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يردُّوه عليه، وأن بينَنا عَيْبةً مَكْفوفة، وأنّه لا إسلالَ ولا إغلال. وكان من شرطهم حين كتبوا الكتاب: أنّه من أحبّ أن يدخل في عَقْد محمّد وعهده دخلَ فيه. ومن أحبّ أن يدخلَ في عقد قريش وعهدهم دخل فيه. فتواثبت خُزاعة فقالوا: نحن في عَقد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وعهده، وتواثبت بنو بكر فقالوا: نحن في عقد قريش وعهدهم. وأنك ترجعُ عنّا في عامنا هذا فلا تدخلُ علينا مكّة، وأنّه إذا كان عامُ قابلٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>