للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أوصاني رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بعشر كلمات، قال: "لا تُشرِك باللَّه شيئًا وإن قُتِلتَ وحُرِّقْتَ، ولا تَعُقَّنّ والدَيك وإن أمراك أن تخرُجَ من أهلك ومالك، ولا تترُكَنّ صلاة مكتوبة متعمِّدًا، فإن من ترك صلاة مكتوبةً مُتَعَمِّدًا فقد بَرِئَتْ منه ذمَّة اللَّه. ولا تَشْرَبَنَّ خمرًا، فإنَّه رأسُ كلُّ فاحشة، وإيّاك والمعصية، فإن بالمعصيةَ حَلَّ سَخَطُ اللَّه، وإيّاك والفِرارَ من الزَّحف وإن هَلَكَ الناسُ، وإذا أصابَ النّاسَ موتٌ وأنت فيهم فاثبُت، وأنْفق على عيالك من طَولك، ولا ترفعْ عنهم عصاك أدبًا، وأخِفْهم في اللَّه عزّ وجلّ" (١).

(٦٢٩٨) الحديث الأربعون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أبو النضر قال (٢): حدّثنا المسعودي قال: حدّثني عمرو بن مُرّةَ عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن معاذ بن جبل قال:

أُحِيلتِ الصلاةُ ثلاثةَ أحوال، وأحيل الصيام ثلاثة أحوال:

فأما أحوال الصلاة فإنَّ النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: قَدِمَ المدينةَ وهو يصلِّي سبعة عشر شهرًا إلى بيت المقدس، ثم إنّ اللَّه عزّ وجلّ أنزل عليه: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا} الآية [البقرة: ١٤٤]. فوجَّهه اللَّه إلى مكّة، فهذا حَول.

قال: وكانوا يجتمعون للصلاة ويُؤذِنُ بها بعضهم بعضًا، حتى نَقَسوا أو كادوا ينقُسون، ثم إنّ رجلًا من الأنصار يقال له عبد اللَّه بن زيد أتى رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: يا رسول اللَّه، إنّي رأيتُ فيما يرى النائمُ -ولو قلتُ: إنّي لم أكن نائمًا لَصَدَقْتُ- أنّي بينما أنا بين النائم واليقظان، إذ رأيتُ شخصًا عليه ثوبان أخضران، فاستقبلَ القبلة فقال: اللَّهُ أكبر اللَّهُ أكبر، أشهدُ أن لا إله إلّا اللَّه، مَثْنى [مَثني] حتى فرغَ من الأذان، ثم أمهلَ ساعةً ثم قال مثل الذي قال، غير أنّه يزيد في ذلك: قد قامت الصلاة قد قامتِ الصلاة. فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "علِّمْها بلالًا فَلْيُؤَذِّنْ بها" فكان بلال أَوّلَ من أذّنَ بها. قال: وجاء عمر بن الخطّاب فقال: يا رسول اللَّه، إنّه قد طاف بي الذي طاف به، غير أنّه سبقَني، فهذان حولان.

قال: وكانوا يأتون الصلاة وقد سبقَهم النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- ببعضها، فكان الرجلُ يُشيرُ إلى الرجل إذا جاء: كم صلّى؟ فيقول: واحدة أو اثنتين، فيصلّيهما، ثم يدخل مع القوم في صلاتهم. قال: فجاء معاذ فقال: لا أجِدُه على حال أبدًا إلّا كُنْتُ عليها، ثم قضيتُ ما


(١) المسند ٥/ ٢٣٨. قال ابن كثير - الجامع ١١/ ٤٢٢ (٨٦٤٣): تفرّد به. وعبد الرحمن بن جبير مات بعد معاذ بمائة سنة! فإسناده منقطع، وإن كان رجاله ثقات.
(٢) في المسند عن يزيد بن هارون وأبي النضر عن المسعودي.

<<  <  ج: ص:  >  >>