للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سبقَني. قال: فجاء وقد سبقه النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- ببعضها، قال: فثبتَ معه، فلمّا قضى رسول اللَّه صلاته قام فقضي، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أنّه قد سنّ لكم معاذٌ، فهكذا فاصنعوا" فهذه ثلاثة أحوال.

وأما أحوال الصيام فإنّ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قدم المدينة، فجعل يصومُ من كلِّ شهر ثلاثة أيام، وصام عاشوراء (١).

ثم إنّ اللَّه عزّ وجلّ فرضَ عليه الصيام، فأنزل اللَّه تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ. . .} [البقرة: ١٨٣] إلى قوله: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} [البقرة: ١٨٢ - ١٨٣]. فكان من شاء صام، ومن شاء أطعم مسكينًا، فأجزأ ذلك عنه. ثم إنّ اللَّه عزّ وجلّ أنزل الآية الأُخرى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ. . .} إلى قوله: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [البقرة: ١٨٤] فأثبت اللَّه عزّ وجلّ صيامَه على المُقيم الصحيح، وَرَخَّصَ فيه للمريض والمسافر، وَثَبَّتَ الإطعام للكبير الذي لا يستطيعُ الصيام، فهذان حولان.

قال: وكانوا يأكلون ويشربون ويأتون النساء ما لم يناموا، فإذا ناموا امتنعوا. ثم إنّ رجلًا من الأنصار يقال له صِرْمة كان يعمل صائمًا حتى أمسى، فجاء إلى أهله فصلّى العشاء، ثم نام فلم يأكل ولم يشرب حتى أصبح فأصبح صائمًا، فرآه رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وقد جُهِدَ جَهدًا شديدًا، فقال: "مالي أراك قد جُهِدْتَ جَهدًا شديدًا؟ " قال: يا رسول اللَّه، إنّي عَمِلْتُ أمسِ، فجِئتُ حين جئتُ فألقيتُ نفسي [فنمت] فأصبحتُ حين أصبحْتُ صائمًا. قال: وكان عمر قد أصاب من النساء بعدما نام، فأتى النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- فذكر ذلك له، فأنزل اللَّه عزّ وجلّ: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ. . .} إلى قوله {. . . إِلَى اللَّيْلِ} (٢) [البقرة: ١٨٧].


(١) فهذا حول.
(٢) المسند ٥/ ٢٤٦. وأخرجه أبو داود من طريق يزيد عن المسعودي مع اختصار في بعض ١/ ١٤٠ (٥٠٧)، ورواه قبله عن شعبة عن عمرو بن مُرّة عن ابن أبي ليلى عن أصحابه - لم يذكر فيه معاذًا. ومن طريق أبي النّضر أخرجه الحاكم ٢/ ٢٧٤، وصحّحه على شرط الشيخين، وصحّحه الذهبي. ومن طريق الطيالسي عن المسعودي أخرجه الطحاوي في شرح المشكل ١/ ٤١٧ (٤٧٨). وقد سبق أن ابن أبي ليلى لم يسمع من معاذ، والمسعودي أختلط. وضعّف الشيخ شعيب إسناده لذلك، ولم يرتضِ تصحيح الحاكم والذهبي له. ومال الألباني إلى تصحيح الحديث في سنن أبي داود - وينظر الإرواء ٤/ ٢٠. والحديث ورد منه أجزاء في مواضع من كتب الحديث، صُحّحت.

<<  <  ج: ص:  >  >>