للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنّ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إنّ رجلًا كان فيمن كان قَبلكم، رَغَسَه اللَّهُ تعالى مالًا وولدًا، حتى ذهبَ عصرٌ وجاء عصر، فلما حَضَرَتْه الوفاةُ قال: أيْ بَنِيَّ، أيَّ أب كنتُ لكم؟ قالوا: خيرَ أب؟ قال: فهل أنتم مُطيعيَّ؟ قالوا: نعم. قال: انظروا إذا مِتُّ، أن تُحَرِّقوني ثم تَدَعوني فحمًا". قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ففعلوا ذلك. ثم قال: اهْرِسوني بالمِهراس - يُوميءُ بيده" قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ففعلوا -واللَّه- ذلك. ثم اذْروني في البحر يومَ ريحٍ، أُضِلُّ اللَّهَ تعالى" قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ففعلوا - واللَّه، فإذا هو في قبضة اللَّه عزّ وجلّ، فقال: ابنَ آدَمَ، ما حَمَلَكَ على ما صَنَعْتَ؟ قال: أيْ ربِّ، مخافَتُك. قال؟ فتلافاه اللَّه عزّ وجلّ بها" (١).

* طريق آخر:

حدّثنا أحمد قال: حدّثنا يزيد قال: حدّثنا بهز بن حكيم عن أبيه عن جدّه قال:

سمعتُ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "إنّه كان عبدٌ من عباد اللَّه أعطاه اللَّه مالًا وولدًا، فلبثَ حتى إذا ذهبَ منه عمرٌ تذكّر، فعلمَ أنّه لم يبتئرْ عند اللَّه خيرًا، دعا بنيه فقال: أيَّ أبٍ تَعلموني؟ . قالوا: خيرَ أب. قال: فواللَّه لا أدَعُ عند أحدٍ منكم مالًا هو مني إلّا أنا آخِذُه منه، أو لَتَفْعَلُنّ بي ما أنا آمِرُكم. فأخذ منهم ميثاقًا وقال: إذا أنا مِتُّ فألقوني في النّار، حتى إذا كنتُ جمرًا فدُقُّوني، ثم اذروني في الريح، لعلّي أُضِلُّ اللَّهَ تعالى، ففعلوا ذلك، فجيء به في أحسن ما كان قطّ، فعُرِضَ على ربّه تعالى، فقال: ما حملك على النّار؟ قال: خشيتُك يا ربّاه. فقال: إني أسمعُك راهبًا. فتِيبَ عليه" (٢).

معنى: رغَسَه اللَّه مالًا: أي أكثر له منه ونمّاه له.

لم يَبتئر خيرًا: أي لم يقدّم خيرًا.

(٦٣٥٣) الحديث الخامس: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عفّان قال: حدّثنا حمّاد بن سلمة قال: حدّثنا أبو قَزَعة سُويد بن حُجير الباهلي عن حكيم بن معاوية عن أبيه:


(١) المسند ٤/ ٤٤٧ وإسناده حسن.
(٢) المسند ٥/ ٤. وإسناده كسابقه. ووثّق الهيثمي رجاله ١٠/ ١٩٨. وأخرجه الطحاوي في شرح المشكل ٢/ ٣٦ (٥٦٦) من طريق بهز، وحسّن المحقّق إسناده.
وقد روي الحديث في الصحيح عن حذيفة وأبي سعيد وأبي هريرة - الجمع ١/ ٢٨٢ (٣٩٧)، ٢/ ٤٥٥ (١٧٧٥)، ٣/ ٩١ (٢٢٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>