للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ودون الذِّراعين، فقال: "أتُسَمُّون هذا التَّعضوض؟ " قلنا: نعم. ثم أومأ إلى صُبرة أخرى

فقال: "أتسمُّون هذا الصَّرَفان؟ " قلنا: نعم. ثم أومأ إلى صُبرة فقال: "أتُسَمُّون هذا البَرْنيَ؟ "

قلنا: نعم. قال: "أما إنّه من خير ثمركم وأنفعِه لكم". قال: فرجَعْنا من وِفادتنا فأكثَرْنا

الغَرزَ منه، وعظُمَتْ رغبتُنا فيه حتى صار عُظم نخلِنا وثَمَرنا البرنيّ.

فقال الأشجّ: يا رسول الله، إن أرضنا أرض ثقيلة وَخِمة، وإنّا إذا لم نشرب هذه

الأشربة هِيجتْ ألوانُنا وعَظُمَتْ بطونُنا. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تشربوا في الدُّبّاء والحَنتم

والنّقير. وليشرَبْ أحدُكم في سقاء يُلاثُ على فيه" (١). فقال الأشجّ: بأبي وأمّي يا رسول

الله، رَخَّص لنا في مثل هذه - وأومَأَ بكفَّيه: فقال: "يا أشجُ، إنّي إن رخّصتُ لكم في

مثل هذه - وأشار بكفّيه هكذا - شَرِبْتَه مع مثل هذه - وفرّج يديه وبسطَها، يعني أعظم

منها - حتى إذا ثَمِلَ أحدُكم من شراب قام إلى ابن عمّه فهزَرَ ساقَه بالسيف" وكان في

الوفد رجل من بني عَصَر (٢) يقال له الحارث، وقد هُزِرَت ساقُه في شرابهم في بيت تمثّله

من الشّعر في امرأة منهم، فقام بعض أهل البيت فهزَرَ ساقه بالسيف. فقال الحارثُ: لما

سمِعْتُها من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. جَعلتُ أسدُلُ ثوبي لأُغَطَيَ الضربة بساقي، وقد أبداها اللهُ

تعالى لنبيّه - صلى الله عليه وسلم - (٣).

التَّعضوض: ضرب من التّمر. وكذلك الصَّرَفان.

****


(١) يُلاث: يربط ويغطَى.
(٢) جاء في مطبوعة المسند المحقّقه "من بني عَضَل". وليس صحيحاً.
(٣) المسند ٢٤/ ٣٢٧ (١٥٥٥٩). ومن طريق يحيى بن عبد الرحمن أخرجه البخاري في الأدب ٢/ ٦٧٧
(١١٩٨). قال الهيثمي ٨/ ١٨٠ بعد أن عزاه لأحمد: رجاله ثقات. وتحدّث الألباني في الصحيحة ٤/ ٤٥٩
(١٨٤٤) عن طرق "خير ثمراتكم البرنيّ"، وذكر هذا الحديث، وقال: رجاله ثقات، غير العصريّ، قال
الذهبي: بصريّ لا يعرف. وذكر أن الحديث صحيح بمجموع شواهده. وضعّف محقّقو المسند إسناده
ليحيى، وشهاب، فقد جعلهما ابن حجر مقبولين.

<<  <  ج: ص:  >  >>