للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رجلٌ من وفد عبد القَيس

(٦٧٨٨) حدّثنا أحمد قال: حدّثنا يونس بن محمد قال: حدّثنا يحيى بن عبدالرحمن

العَصَريّ قال: حدّثنا شهاب بن عَبّاد أنه سمع بعض وفد عبد القيس يقول:

قَدِمنا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاشتدّ فَرَحُهم بنا، فلما انتهَينا إلى القوم أوْسَعوا لنا فَقَعَدْنا،

فرحَّبَ بنا النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - ودعا لنا، ثم نظرَ إلينا فقال: "من سيَّدُكم وزعيمْكم؟ " فأشرنا جميعاً

إلى المنذر بن عائذ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أهذا الأشجّ؟ " وكان أوّلَ يوم وُضع عليه هذا

الاسمْ لضَربة بوجهه بحافر حمار، فقُلنا: نعم يا رسول الله. فتخلّفَ بعدَ القومِ، فعقَلٌ

رواحلَهم وضَمّ متاعَهم، ثم أخرجَ عَيبتَه (١) فألقى عنه ثيابَ السَّفَرِ وَلِبس من صالح ثيابه،

ثم أقبل إلى النبيّ - صلى الله عليه وسلم - وقد بَسَطَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - رجلَه واتّكأ، فلمّا دنا منه الأشجُّ أوسعَ القومُ

له، وقالوا: ها هنا يا أشجُّ. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - واستوى قاعداً وقبضَ رجله: "ها هنا يا أشجّ"

فقعد عن يمين النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، فرحَّبَ به وألطفَه، ثم سألَه عن بلاده، وسمّى له قريةً قرية:

الصَّفا والمُشقَّر وغير ذلك من قرى هَجَر، فقال: بأبي وأُمّي يا رسول الله، لأنت أعلمُ

بأسماء قُرانا منّا. فقال: "إنّي قد وَطِئْتُ بلادكم وفُسح لي فيها".

قال: ثم أقبل على الأنصار فقال: "يا معشر الأنصار، اكرِموا إخوانكم، فإنّهم أشباهُكم

في الإسلام، أشبة شيء بكم أشعاراً وأبشاراً، أسلَموا طائِعين غير مُكْرَهين ولا موتورين، إذ

أبى قومٌ أن ئسْلموا حتى قتلوا". فلمّا أن أصبحوا قال: "كيف رأيتُم إخوانَكم لكم،

وضيافَتهم إيّاكم؟ " قالوا: خيرَ إخوان، ألا نوا فُرُشَنا، وأطابوا مَطْعَمنا، وباتوا وأصبحوا يعلّمونا

كتابَ ربَّنا وسُنَّة نبيًّنا. فأعجبتِ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - وفَرِحَ بها.

ثم أقبل علينا رجلاً رجلاً، يَعْرِضنا على ما تَعَلَّمْنا وعَلِمنا، فمنا من عَلِمَ التحيّات، وأُمَّ

الكتاب والسورة والسورتين والستُّنّة والسُّنّتين. ثم أقبل علينا بوجهه فقال: "هل معكم من

أزوادكم شيء؟ " ففرحَ القوم بذلك.، فابتدروا رحالهم، فأقبل كل رجلٍ منهم معه صُبرة من

تمر، فوضعها على نِطع (٢) بين يديه، وأومأ بجريدة في يده كان يختصرُ بها، فوقَ الذّراع


(١) العيبة: ما يوضع فيه الثياب.
(٢) الصبرة: الكومة. والنطع: الجلد يوضع على الطعام.

<<  <  ج: ص:  >  >>