للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أُصيبَ سعدٌ يومَ الخندق، رماه رجلٌ من قريش يقال له حِبّان بن العَرِقة، رماه في

الأكْحَل فضرب النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - عليه خيمةً في المسجد ليعودَه من قريب.

فلمّا رجع رسولُ الله من الخندق وضع السلاحَ واغتسلَ، فأتاه جبريلُ وهو ينفُضُ رأسَه

من الغبار فقال: قد وَضَعْتَ السَّلاحَ، والله ما وَضَعْتُه، اُخْرج إليهم. فقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -:

"فأين؟ " فأشار إلى بني قُريظة. فأتاهم رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فنزلوا على حكمه، فردّ الحكم إلى

سعد، فقال: إني أحكم فيهم: أن تُقْتَلَ المقاتلِةُ، وأن تُسْبَى الذُّرّيّة، وأن تُقسمَ أموالهم".

قال هشام: فأخبرني أبي عن عائشة أن سعداً قال: اللهمّ إنّك تعلمُ أنه ليس أحدٌ

أحبَّ إليَّ من أن أجاهدَهم فيك من قوم كذَّبوا رسولَك وأخرجوه، اللهمّ فإنّي أظُنّ أنك قد

وَضَعْتَ الحربَ بيننا وبينهم، فإن كان بقي من حرب قريش شيء فأبْقِني لهم حتى

أُجاهدَهم فيك، وإن كُنْتَ وَضَعْتَ الحربَ فافْجُرْها واجعل موتتي فيها. فانفجرت من

لِيته (١)، فلم يَرُعْهم وفي المسجد معه خيمة من بني غِفار إلاّ والدمُ يسيل إليهم، فقالوا: يا

أهلَ الخيمة، ما هذا الذي يأتينا من قِبَلِكم؟ فإذا سعدٌ يغذو جرحُه دماً، فمات منها.

أخرجاه (٢).

واللِّيتُ: صفحة العُنق. وهما ليتان من الجانبين

وقوله: يغذو: أي يسيل.

وابن العَرِقة إنما سُمِّيت أمُّه بذلك لأنها كانت تفوح طيباً.

(٧٥١٥) الحديث الخامس والسبعون بعد الثلاثمائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا

ابن نمير قال: حدّثنا يونس بن أبي إسحاق عن أبي إسحاق عن عمرو بن غالب قال:

انتهيت إلى عائشة أنا وعمّار والأشتر، فقال عمّار: السلامُ عليكِ يا أُمّتاه. فقالت:

السلام على من اتَّبعَ الهدى، حتى أعاده عليها عمّارٌ مرّتين أو ثلاثاً. ثم قال: أما والله إنّك

لأُمّي وإن كَرِهْتِ. قالت: من هذا معك؟ قال: الأشتر. قالت: إنّك الذي أردْتَ أن تقتلَ

ابن أُختي؟ قال: نعم، قد أردْتُ ذلك وأَرادَه. قالت: أما لو فعلْتَ ما أفْلَحْت، . أما أنت يا

عمّارُ فقد سَمِعْتُ - أو سمعتَ - رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لا يَحِلُّ دمُ امرىءٍ إلاّ من ثلاثة:


(١) يروى "لبّته": وهي موضع القلادة من الصدر، ويروى "ليلته".
(٢) البخاري ٧/ ٤١١ (٤١٢٢)، ومسلم ٣/ ١٣٨٩ (١٧٦٩)، وروى أحمد صدره ٦/ ٥٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>