للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وغضب. قال: فتُفَرَّقُ في جسده فينتزعها كما يُنْتَرع السَّفُّود (١) من الصوف المبلول، فيأخذُها، فإذا أخذها لم يدَعوها في يده طَرْفةَ عين حتى يجعلوها في تلك المُسوح، ويخرجُ منها كأنتن ريحِ جيفة وُجِدَت على وجه الأرض، فيصعدون بها، فلا يَمُرُّون بها على ملأ من الملائكة إلا قالوا: ما هذا الرّوح الخبيث؟ فيقولون: فلان ابن فُلان -بأقبح أسمائه التي كان يُسَمّى بها في الدنيا- حتى يُنتَهى به إلى السّماء الدُّنيا، فيُسْتَفْتَح له فلا يُفْتَحُ له، ثم قرأ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: {لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ} [الأعراف: ٤٠]، فيقول اللَّه عزّ وجلّ: اكتُبوا كتابَه في سِجِّين، في الأرض السّفلى، فتُطرح روحُه طَرحًا، ثم قرأ: {وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ} [الحج: ٣١] فتُعاد روحُه في جسده، ويأتيه ملكان فيُجلسانه فيقولان له: من ربُّك؟ فيقول: هاه، هاه، لا أدري. فيقولان له: ما دينك؟ فيقول: هاه، هاه، لا أدري. فيقولان له: ما هذا الرّجلُ الذي بُعث فيكم؟ فيقول: هاه، هاه، لا أدري، فينادي منادٍ من السّماء: أن كذب، فأفرِشوه من النّار، وافتحوا له بابًا إلى النّار، فيأتيه من حرّها وسَمومها، ويُضَيّقُ عليه قبرُه حتى تَخْتَلِفَ فيه أضلاعُه، ويأتيه رجلٌ قبيحُ الوجه، قبيح الثّياب، مُينْتنُ الرّيح، فيقول: أبْشِرْ بالذي يسوءُك، هذا يومُك الذي كنت تُوعَدُ، فيقول: من أنت؟ فوجهك الوجه يجيء بالشّرّ، فيقول: أنا عملك الخبيث، فيقول: ربّ لا تُقِمِ السّاعة" (٢).

* طريق آخر:

حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عبد الرزّاق قال: حدّثنا مَعمر عن يونس بن خبّاب عن المِنهال بن عمرو عن زاذان عن البراء بن عازب قال:

خرجْنا مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى جنازة. . . فذكر نحوه، وفيه: "حتى إذا خرج رُوحه (٣) صلَّى عليه كلُّ مَلَك بين السّماء والأرض، وكلُّ مَلَكٍ في السّماء، وفُتِحَتْ أبواب السماء،


(١) السَّفّود: حديدة يشوى بها.
(٢) المسند ٤/ ٢٨٧، وإسناده صحيح، زاذان والمنهال من رجال البخاريّ. وأخرجه أبو داود ٤/ ٢٣٨ (٤٧٥٣) بطوله من طريق أبي معاوية، وأخرج صدره ابن ماجة ١/ ٤٩٤ (١٥٤٩)، والنسائي ٤/ ٧٨ من طريق المنهال، وصحّحه الألباني. وهو في المستدرك ١/ ٣٧. وقال الهيثمي في المجمع ٣/ ٥٢. هو في الصحيح وغيره باختصار، ورواه أحمد ورجاله رجال الصحيح.
(٣) هذا في المؤمن.

<<  <  ج: ص:  >  >>