للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النّبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ارْجعي". فلما كان من الغد أتَته فاعترفَت عنده بالزّنا، فقالت: يا نبيّ اللَّه، طَهِّرْني، فلعلَّك أن تُرَدِّدَني كما ردَّدْتَ ماعزَ بن مالك، فواللَّه إِنّي لحُبْلى. فقال لها النّبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ارجِعي حتى تَلِدي". فلمّا وَلَدَت جاءت بالصّبيّ تَحْمِلُه، قالت: يا نبيّ اللَّه، هذا قد وَلَدْتُ. قال: "فاذهبي فأرضعيه حتى تَفْطُميه" فلما فَطَمَتْه جاءت بالصبيّ في يده كِسْرَةُ خبز، قالت: يا نبيّ اللَّه، هذا قد فَطَمْتُه. فأمر النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بالصّبيّ فَدفَعه إلى رجل من المسلمين، فأمر بها، فحُفِرَت لها حُفْرَةٌ، فجُعِلَتْ فيها إلى صدرها، ثم أَمَرَ النّاسَ أن يرجُموها. فأقبل خالد بن الوليد بحجر فرمى به رأسَها، فنضح الدَّمُ على وجه خالد، فسبَّها، فسَمِعَ النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- سبَّه إياها، فقال: "مَهلًا يا خالد، لا تَسُبَّها، فوالذي نَفْسِي بيده، لقد تابت توبةً لو تابَها صاحبُ مَكْسٍ (١) لغُفِر له" فأمر بها فصُلّي عليها ودُفِنَتْ.

الحديثان من أفراد مسلم (٢).

(٦٨٩) الحديث الثالث: وبالإسناد عن بُريدة قال:

خرج إلينا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يومًا، فنادى ثلاث مِرار فقال: "أيُّها الناسُ، تدرون ما مَثَلِي ومَثَلُكم؟ " قالوا: اللَّه ورسوله أعلم. قال: "إنّما مَثَلي ومَثَلُكم مثلُ قومٍ خافوا عدوًّا يأتيهم، فبعثوا رجلًا يتراءى لهم، فبينا هم كذلك أبصرَ العدوَّ، فأقبل ليُنْذِرَهم، وخَشِيَ أن يُدْرِكَه العدوُّ قبل أن يُنْذرَ قومَه، فأهوى بثوبه: أيّها النّاس، أُتِيْتُم، أيّها النّاسُ، أُتِيتُم". ثلاث مرّات (٣).

(٦٩٠) الحديث الرابع: وبالإسناد عن بُريدة قال:


(١) صاحب المكس: الذي يأخذ من الناس مالًا بغير حقّ.
(٢) المسند ٥/ ٣٤٨. والحديثان في مسلم ٣/ ١٣٢١ - ١٣٢٤ (١٦٩٥) من طريق علقمة بن مرثد عن سُليمان بن بُريدة، وبَشير بن المهاجر عن عبد اللَّه بن بُريدة. وأبو نعيم، الفضل بن دُكين، من رجال الشيخين. وبشير من رجال مسلم وأصحاب السنن.
(٣) المسند ٥/ ٣٤٨. وإسناده جيد - كما قال الحافظ ابن حجر في الفتح ١١/ ٣١٧، وقال في المجمع ٢/ ١٩١: رجاله رجال الصحيح. وهو في الأمثال لأبي الشيخ ١٦٢ من طريق أبي نعيم.
وقد روى الإمام البخاريّ ١١/ ٣١٦ (٦٤٨٢) بإسناده إلى أبي موسى الأشعري قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَثَلِي ومَثَلُ ما بعثني اللَّه كمثل رجلٍ أتى قومًا فقال: رأيْتُ الجيش بعيني، وإنّي أنا النذير العُريان، فالنجاءَ النجاءَ, فأطاعته طائفةً فأدلجوا على مهلهم فنَجوا، وكذَّبَته طائفة فصبّحهم الجيش فاجتاحهم". وقد شرحه ابن حجر وذكر حديث بُريدة.

<<  <  ج: ص:  >  >>